الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفراق أم البقاء مع زوج يهين زوجته حتى تترك البيت

السؤال

زوج يكره زوجته، ويتعمد أن يتشاجر معها ويهينها ويتصيد لها الأخطاء، وبذلك يريدها أن تترك البيت بعد أن أمضيا معاً فوق ثلاثين عاماً، وعمره يقارب السبعين، وله منها ابن وبنتان في سن الشباب، وهي في حيرة من أمرها، وهل تعيش معه وتقبل إهاناته لها أم تترك له البيت، وتكون بذلك قلقة على أولادها وغير مطمئنة على مستقبلهم؟ فما هو الحل الشرعي لمثل هذه الحالة؟.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يليق بالرجل أن يهين امرأة أو أن يؤذيها مستغلا ضعفها، فهو بهذا مخالف لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من التحذير من الإساءة للنساء في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة.

قال المناوي في فيض القدير مبينا معناه: أي ألحق الحرج وهو الإثم بمن ضيعهما، فأحذره من ذلك تحذيرا بليغا وأزجره زجرا أكيدا، ذكره النووي... اهـ.

وإذا كانت هذه المرأة زوجة، فالأمر آكد، لما بين الزوجين من العقد الوثيق والعهد الأكيد، قال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}.

والزوج مأمور بأن يحسن عشرة زوجته، أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بها خيرا، قال الله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء خيرا.

وفي مثل هذه الحالة المذكورة بالسؤال ينبغي للزوجة أن تلتمس سبب إساءة زوجها لها، فإن كان التقصير من قبلها فلتجتهد في إصلاح الأمر ولتعتذر لزوجها، وإن كان السبب من قبله فلتناصحه بالمعروف، وتذكره بخطورة الأمر، وخاصة على الأولاد إن استمر على هذا الحال، مع الدعاء له عسى الله أن يصلحه، وإن احتاجت إلى أن يتدخل العقلاء فلا بأس بالمصير إلى ذلك، فإن صلح الحال ـ فالحمد لله ـ وإلا فلها الحق في أن تطلب الطلاق من زوجها، وإن رأت الصبر عليه من أجل أولادها فهي مأجورة على ذلك ـ بإذن الله ـ وإذا وصل بها الأمر إلى حد لا يحتمل، فلا تكلف نفسها ما لا تطيق، فقد يكون الأولى بها حينئذ فراقه وطلب الطلاق منه، والأولاد يحفظهم الله ويرعاهم، وحضانتهم حق لها ما لم تتزوج من آخر، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6256.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني