السؤال
أرجو منكم الإجابة على سؤالي:
وجد زوجي منذ سنة مبلغ ١٥ ألف ليرة سورية في أحد الأحياء، وكنا بحاجة للمال، لم أكن أريد صرف المبلغ قبل التحري عنه، ولكن زوجي قام بصرفه دون السؤال عنه، وقد سافرنا الآن وتركنا مدينتنا؛ لظروف الحرب.
سؤالي: ما ذا يجب علينا فعله حتى يتوب علينا الله، ولا نكون قد أكلنا مالا حراما؟ وهل يجوز أن نتصدق الآن بقدر هذا المبلغ عن صاحبه؛ لأنني كل ما تذكرته، أخاف من أن يأتي صاحب المال يوم القيامة، ويحاسبنا أمام الله؟
أتمنى منكم أن تفيدوني؛ ليرتاح بالنا.
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من التقط شيئا له قيمة، وتتعلق به نفس صاحبه عادة، أن يُعَرِّفه حولا كاملا، في مكان التقاطه، وفي مظان وجود صاحبه، كمجامع الناس، والصحف اليومية، ونحو ذلك.
وإذا جاء طالبه، فوصفه، دفع إليه؛ وذلك لما في الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني ـ رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة ـ الذهب والورق ـ فقال: اعرف وكاءها، وعفاصها، ثم عرفها سنة, فإن لم تعرف، فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك, فإن جاء طالبها يوما من الدهر، فادفعها إليه.
وبهذا تعلمين أنه كان من الواجب تعريف تلك اللقطة، في البلد الذي وجدتم فيه المبلغ. واستعمال زوجك لها قبل تعريفها، لا يجوز.
فقد قال الشافعي في الأم: ولا يحل للرجل أن ينتفع من اللقطة بشيء، حتى تمضي سنة. اهـ.
وقد اختلف العلماء فيما إذا مرت على اللقطة سنة دون أن يعرفها الملتقط، فذهب الحنابلة إلى أن التعريف يسقط بعد مضي السنة الأولى من التقاطها، وذهب المالكية، والشافعية، إلى أنه يجب عليه أن يعرفها ولو مر عليها سنة دون تعريفها.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: والمعنى أن اللقطة يجب تعريفها سنة من يوم الالتقاط، ولو كانت دلواً، أو مخلاة، وما أشبه ذلك، فلو أخر تعريفها سنة، ثم عرفها، فهلكت، ضمنها. انتهى.
وقال الأنصاري في روض الطالب: ولا يشترط الفور للتعريف، بل المعتبر تعريف سنة متى كان. انتهى.
ولعل القول بتعريفها ولو بعد سنة هو الأقرب، إذ إن صاحبها ربما يدركها، ويعلم بها بسبب تعريفها، وعليه، فكفارة ما فعله زوجك، هو: التوبة إلى الله من هذا الفعل، بالاستغفار، والندم عليه، والعزيمة ألا يعود إليه، وهو ضامن لتلك اللقطة.
وحيث إنه لم يتم تعريفها من قبل، فلتعرف الآن في مظان وجود صاحبها، ويمكن توكيل شخص في ذلك البلد ليتولى تعريفها، فإن جاء صاحبها دفعت إليه، وإلا فيمكن حينئذ التصدق بها عنه، فإن جاء يوما من الدهر، ورضي بالصدقة، كان له الأجر، وإن لم يرض بها، كان لكم الأجر، ودفعت إليه لقطته.
والله أعلم.