السؤال
لقد أرسلت سؤالا برقم:2592935، وكان نصه بعد تغيير ما يحتاج إلى التغيير لتوضيح المعنى كما يلي: في يوم من الأيام, جلست أدرس عائلتي، فشرحت معنى الآية ثم ترجمتها بلغتنا، وأثناء الترجمة تكلم ابني ـ وهو شاب بالغ، وإن كان عمره لازال 13 سنة ـ بكلام قبيح عبثا فبعض الحروف من تلك الترجمة في لغتنا إذا أخذ صار لها معنى فيه قبيح من جهة بعض حروفه، وأما من جهة الجملة الكاملة للترجمة فلا تتضمن معنى قبيحا، وقد أخذ ابني بعض الحروف التي تتضمن معنى قبيحا، ولا يقصد بكلامه القبيح استهزاء بالآية، بل تكلم عبثا وذهل عن ذهنه بأنه في أثناء التعليم، ومعنى الكلام القبيح الذي تكلم به ابني: غائط الإنسان في لغتنا، مع أن آية ـ المائدة:13ـ لا تتضمن ذلك المعنى فهل هو مرتد بكلامه؟ وكان الجواب من فضيلتكم بوسيلة AU.SAID2@GMAIL.COM:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا تقع الردة بما حصل من ابنك، مادام لا يقصد الاستهزاء بالدين، ولكنه يظهر من النظر في أسئلتك السابقة، أنك تعاني من داء الوسواس فنسأل الله أن يعافيك منه، وأن يعافي مبتلى المسلمين، وننصحك بأن تجاهد نفسك في التخلص من الوسواس، فإنه داء عضال، إذا تمكن من العبد أوقعه في شرور عظيمة، وأضره في دينه ودنياه، واحرص على أن لا تورط الأولاد، فتوقعهم في الوساوس بسبب ما تعاني أنت منه واعلم أن أنجع طريق لعلاجه، هو الإعراضُ عن الوسواس جملة، والكف عن الاسترسال معها، وسؤال الله العافية منها، والتعوذ بالله من شرها، ولمعرفة علاج الوسوسة راجع الفتوى رقم: 3086، والله أعلم، فما هي واجبتنا تجاه ابني بكلامه القبيح أثناء الدرس؟ وهل نقول له: كلامك لا بأس به، أو كلامك ذنب صغير، أو كلامك من كبائر الذنوب؟ حتى لا يعود إلى مثل هذا الكلام القبيح في المستقبل لا سيما أثناء التعليم وله نصيب من النصيحة منكم، لأن هذا الفتوى أخبرته به، وقد علم من فتواكم أنه غير مرتد ولكن ما هو نوع الذنب؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التلفظ بالألفاظ القبيحة المشتملة على الفحش في مجلس العلم يعتبر من سوء الأدب، وهو مخالف لما في النصوص من حفظ اللسان عن السوء والفحش، فقد قال الله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم {النساء: 148}.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ اللسان في أكثر من حديث، منها ما رواه الترمذي عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك. وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. رواه البخاري ومسلم.
وروى الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم.
وقد نهى عن الفحش في القول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبغض الفاحش البذيء. رواه الترمذي.
قال المباركفوري ـ رحمه الله ـ في تحفة الأحوذي: قوله: ليس المؤمن ـ أي: الكامل، بالطعان، أي: عيابا الناس: ولا اللعان ـ ولعل اختيار صيغة المبالغة فيها لأن الكامل قل أن يخلو عن المنقصة بالكلية: ولا الفاحش ـ أي: فاعل الفحش أو قائله وفي النهاية: أي: من له الفحش في كلامه وفعاله، قيل: أي: الشاتم، والظاهر أن المراد به الشتم القبيح الذي يقبح ذكره ولا البذيء، قال القاري: هو الذي لا حياء له. انتهى باختصار.
فيمكنك أن تقرأ عليه هذه الأحاديث، وتعلمه بمخالفته لها، وأن فعله هذا يعد من سوء الأدب كما قدمنا، ومن ثم تأمره بألا يعود مرة أخرى لما كان يقول.
والله أعلم.