الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النقاب بين القناعة الشخصية الشرعية ومعارضة الأب

السؤال

أنا فتاة في 17 من عمري كنت غير ملتزمة بتعاليم الإسلام نهائيا، ولا الصلاة ولا الحجاب الشرعي ـ والحمد لله ـ من الله علي بالتوبة والهداية وأرتديت الخمار الماليزي الذي حقا حدثت معجزة لكي يوافق الوالدان عليه، ولكنني أريد الأفضل وهو النقاب وأنا والله مقتنعة بالرأي الذي يقول إنه فرض، ولكن الوالد يرفض تماما لكرهه الشديد له، فقال لي: لو اجتمع شيوخ الأرض كلهم على فرضيته فلن أتركك ترتدينه وطلب مني أن أسأل دار الإفتاء المصرية، فسألتهم، فقال لي الشيخ: إن طاعة الوالدين فرض والنقاب سنة، والفرض طبعا أولى من السنة، فماذا نفعل الفرض أم السنة؟ فقلت له إنني قرأت أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فقال لا تسمي هذا معصية للخالق، فهل يأمرك بفاحشة أو معصية أو ملابس فاضحة؟ فقلت لا، فأمرني بطاعة الوالدين وترك النقاب، مما زاد من رفض الوالد، والوالد ليس متدينا، فهو لا يصلي الفجر إلا نادرا، ولا يصلي في المسجد إلا الجمعة، ولا يقرأ القرآن إلا في رمضان، ولا يفعل من النوافل بشكل عام أي شيء، ويقول إن كل ما عدا الصلوات المكتوبات والزكاة علينا أن نفعله، لأنه من السنن، وقد قرأت في الفتاوى عندكم أن نرتديه دون رضاهم، لكن هذا الأسلوب لا يتناسب مع طبيعة الوالدين، لأنه سيتسبب لي في مشاكل لا حصر لها مثل السب والضرب المبرح ودعاؤهم علي ومقاطعتهم لي، فماذا أفعل؟ وهل أقدم رضا الوالدين على النقاب؟ وهل أتركه مع اقتناعي بفرضيته؟ وهل لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ينطبق على هذا؟.
وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد وقع الخلاف بين الفقهاء في حكم تغطية المرأة وجهها عند خروجها من بيتها أو بحضرة أجنبي، وسبق أن بينا أقوالهم في هذه المسألة وأن الراجح وجوب تغطيته، فراجعي الفتوى رقم: 4470.

ومن هنا أفتينا بأنه لا طاعة للوالدين إن أمرا بترك النقاب، وما أفتاك به الشيخ المذكور مبني على ما ترجح عنده من عدم وجوبه، وهو رأي جمع من أهل العلم، فإذا كان هذا الشيخ محل ثقتك يسعك العمل بفتواه والترخص بكشف الوجه.

وأما إن اقتنعت بالقول بوجوبه: فالواجب عليك التزامه، ولا تطيعي أباك في منعك منه، فلا يطاع أحد في معصية الله، هذا هو الأصل، لكن إن خشيت أن يضيق عليك وتقعين في حرج شديد، فلا بأس بالترخص والعمل بقول من لا يوجبه، فقد رجح بعض أهل العلم جواز العمل بالقول المرجوح عند مسيس الحاجة، قال السبكي رحمه الله: يجوز التقليد للجاهل والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة من غير تتبع الرخص، ومن هذا الوجه يصح أن يقال الاختلاف رحمة، إذ الرخص رحمة. انتهى.

وفي هذه الحالة اجتهدي في أن لا تخرجي من بيتك إلا إلى ما لا بد لك منه حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا، وراجعي الفتاوى التالية أرقمها: 65218، 112054، 134759، وفي الفتوى الأخيرة بيان كلام أهل العلم في الأخذ بالرخصة عند الحاجة إليها.

ونوصي بالدعاء لهذا الوالد بالهداية، وينبغي أن ينصح بالرفق واللين وخاصة فيما يتعلق بصلاة الفجر وصلاة الجماعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني