الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعريف العامي في اصطلاح العلماء

السؤال

ما هو تعريف العامي في اصطلاح العلماء؟ وهل قولهم العامي لا مذهب له، ومذهبه مذهب مفتيه، ينطبق على كل مسلم ليس طالبا للعلم؟ فمثلا هل ينطبق هذا القول على مسلم من العامة مشغول بتجارته وكسب رزقه، أو لا يستطيع أن يتفرغ لطلب العلم لسبب ما، لكنه يستطيع أن يطلع على أقوال أهل العلم وأدلتها ويفهمها، ويستطيع أن ينتفع بدروس المشايخ وشروحهم للمتون، سواء كانت في كتبهم أو مسجلة في الإنترنت؟ أم أن هذا يسوغ له أن يتعلم الفقه على مذهب معين؟ ثم إذا تعلم الفقه على مذهب معين، هل يجوز له أن ينفع المسلمين الذين حوله فيعلمهم؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعامي مصطلح يطلقه أهل العلم على غير المجتهد, جاء في تشنيف المسامع بجمع الجوامع للزركشي أثناء الحديث عن أنواع المجتهدين: ودونهما في المرتبة مجتهد الفتيا, وهو المتبحر في المذهب المتمكن من ترجيح قول على آخر، وهذا أدنى المراتب، وما بقي بعده إلا العامي ومن في معناه. انتهى.

وفي روضة الناظر لابن قدامة: فأما المتمكن من الاجتهاد في بعض المسائل، ولا يقدر على الاجتهاد في البعض إلا بتحصيل علم على سبيل الابتداء، كالنحو في مسألة نحوية، وعلم صفات الرجال في مسألة خبرية، فالأشبه: أنه كالعامّي فيما لم يُحصّل علمه، فإنه كما يمكنه تحصيله، فالعامّي يمكنه ذلك مع المشقة التي تلحقه، إنما المجتهد الذي صارت العلوم عنده حاصلة بالقوة القريبة من الفعل، من غير حاجة إلى تعب كثير بحيث لو بحث عن المسألة، ونظر في الأدلة استقل بها، ولم يفتقر إلى تعلُّمٍ من غيره. انتهى.

وبناء على ذلك, فإن العامي يصح إطلاقه على من يطلع على أدلة بعض المسائل, وينتفع بدروس أهل العلم, ويتابعها ثم إن العامي يجوز له تقليد من شاء من مذاهب أهل العلم المعتبرة, ولا يجب عليه تقليد مذهب بعينه، جاء في تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي الشافعي: وحاصل المعتمد من ذلك، أنه يجوز تقليد كل من الأئمة الأربعة، وكذا من عداهم ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة، ودوّن حتى عرفت شروطه، وسائر معتبراته. انتهى.

ويجوز لطالب العلم أن يتفقه على مذهب معين, وأن ينفع غيره بما تعلمه من مسائل بشرط التأكد من صحة ما يُعلمه لغيره، جاء في فتاوى اللقاء الشهري لابن عثيمين: لا شك أن من فوائد طلب العلم أن يقوم الطالب بما أوجب الله عليه من تبليغ ما حصله من العلم، هكذا جاء في الكتاب والسنة، أما في الكتاب: فقد قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ {آل عمران:187} وهذا الميثاق الذي بين الله وبين الذين أتوا العلم ليس ميثاقاً محسوساً بل إعطاء الله إياه العلم، هذا ميثاق عليه أن يبلغه، وأما في السنة: فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يخطب الناس في حجة الوداع: ليبلغ الشاهد الغائب ـ وقال أيضاً: بلغوا عني ولو آية ـ فالواجب على طالب العلم ألا يحقر نفسه أن يبلغ ما آتاه الله من العلم، سواء في بلده أم في بلدٍ آخر، ولا سيما في وقت الإجازات التي ليس على الإنسان فيها طلب للعلم ملزم بها. انتهى.

ولمزيد الفائدة عن وسائل التعلم راجع الفتوى رقم: 328768.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني