السؤال
عندي منزل قد اشتريته بعد أن ادّخرت ماله تدريجيا على مدى 9 سنوات، ولكنني كنت غافلا عن الزكاة، ولا أدري هل أخرجت الزكاة في كل عام أم لا؟ فكيف أقدّر زكاة هذا المنزل؟ وهل بنسبة 2.5 بالمائة من المبلغ الإجمالي لشراء المنزل؟ أم أقدّر المال المجموع في نهاية كل عام؟ وإن كان علي إخراج زكاة كل عام منفردا، فكيف أقدّر الزكاة، لأنني لا أذكر إلا ثمن المنزل والمدة التي جمعت فيها المال؟ وهل يحق لي التصرف في مالي أثناء جمعي للزكاة؟ وهل يجب علي إخراج الزكاة قبل أداء العمرة مثلا أو قبل مصاريف أخرى؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك عدة أمور، وسيكون الجواب في النقاط التالية:
1ـ المال المدخر تجب زكاته إذا حال عليه الحول، ابتداء من اكتماله نصابًا من غير أن ينقص المال عن النصاب أثناء الحول، ومن لم يخرج الزكاة عن سنين ماضية وجب عليه أن يخرجها فورًا، سواء في ذلك ما إذا كان لم يخرجها جهلًا، وما إذا كان لم يخرجها تكاسلًا، ولا تسقط الزكاة بالتقادم، لأنها حق لأهل الزكاة، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز إخراج الزكاة بأثر رجعي؟ أعني: إذا ملك الشخص النصاب، ولم يخرج الزكاة في وقتها، وتأخر ذلك عدة أعوام، هل يجوز إخراج الزكاة عن ذلك الزمن المنصرم؟ وكيف يمكن للشخص أن يخرج الزكاة إذا لم يكن متأكدًا من مقدار المال الذي وجبت فيه الزكاة في ذلك الوقت السابق؟
ج ـ من وجبت عليه زكاة وأخّرها بغير عذر مشروع، أثم لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها، من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال، وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. انتهى.
2ـ يجب عليك إخراج الزكاة عن كل سنة على حدة, وبإمكانك أن تعرف قدر المبلغ الموجود في حسابك كل سنة بواسطة كشف حسابك ـ إن كان المال مودعًا في البنوك ـ ولكيفية حساب زكاة تلك السنين الماضية انظري الفتوى رقم: 121528.
3ـ يجب عليك إخراج الزكاة التي تشك في كونك قد أخرجتها, لأن هذه الزكاة قد ترتبت في ذمتك, فلا تبرأ منها إلا بيقين جاء في مطالب أولي النهى، وهو حنبلي: ومن شك في قدر ما عليه من فوائت وتيقن قدر زمنه التي وجبت عليه فيه الصلاة: بأن علم أنه بلغ من سنة كذا، وصلى البعض وترك البعض منها، أبرأ ذمته، أي: قضى ما تبرأ به ذمته يقينا، لأن ذمته اشتغلت بيقين، فلا تبرأ إلا بمثله. انتهى.
الشاهد من هذا الكلام أن الذمة المشغولة بواجب يقينا, فلا تبرأ إلا بقين كذلك.
4ـ يجب عليك أن تبادر إلى إخراج الزكاة المتأخرة في أول وقت تقدر على إخراجها فيه، وعليك أن تقدم ذلك على مصاريف العمرة وغيرها, لأن الزكاة دين في ذمتك, ويزداد الإثم بتأخيرها, جاء في مجموع الفتاوى للشيخ ابن عثيمين: الواجب على الإنسان أن يبادر بإخراج زكاته، لأن زكاته كالدين عليه، بل هي دين، ومطل الغني ظلم، والإنسان لا يدري فلعله يموت وتبقى زكاته في ماله ديناً عليه بعد موته، فالواجب أن يبادر بإخراج الزكاة ولا يؤخرها. اهـ
وقال أيضا جوابا عن سؤال: شخص لم يخرج زكاة أربع سنين ماذا يلزمه؟ هذا الشخص آثم في تأخير الزكاة، لأن الواجب على المرء أن يؤدي الزكاة فور وجوبها ولا يؤخرها، لأن الواجبات الأصل وجوب القيام بها فوراً، وعلى هذا الشخص أن يتوب إلى الله عز وجل من هذه المعصية، وعليه أن يبادر إلى إخراج الزكاة عن كل ما مضى من السنوات، ولا يسقط شيء من تلك الزكاة، بل عليه أن يتوب ويبادر بالإخراج حتى لا يزداد إثماً بالتأخير. انتهى.
والله أعلم.