السؤال
ما هي كيفية الجمع بين: لا تأكل الأرض أجساد الأنبياء ـ وحديث عجوز بني إسرائيل؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث عجوز بني إسرائيل عن أبي موسى قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فأكرمه، فقال له: ائتنا، فأتاه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل حاجتك، قال: ناقة نركبها، وأعنز يحلبها أهلي! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل؟ قالوا: يا رسول الله؛ وما عجوز بني إسرائيل؟ قال: إن موسى عليه السلام لما سار ببني إسرائيل من مصر ضلوا الطريق، فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم: إن يوسف عليه السلام لما حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا، قال: فمن يعلم موضع قبره؟ قال: عجوز من بني إسرائيل، فبعث إليها فأتته، فقال: دليني على قبر يوسف، قالت: حتى تعطيني حكمي، قال: وما حكمك؟ قالت: أكون معك في الجنة، فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه: أن أعطها حكمها، فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقع ماء، فقالت: أنضبوا هذا الماء، فأنضبوه، فقالت: احتفروا، فاحتفروا، فاستخرجوا عظام يوسف، فلما أقلوها إلى الأرض وإذا الطريق مثل ضوء النهار. رواه ابن حبان والحاكم، وقال الهيثمى في المجمع: رواه الطبراني وأبو يعلى، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح ـ وصححه الألباني.
وأما حديث: إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء صلوات الله عليهم. فرواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وصححه الألباني.
وأما الجمع بينهما: فذكره المَغرِبي في البدر التمام شرح بلوغ المرام، فقال: لا ينافي ما ذكر من حياة الأنبياء ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث عجوز بني إسرائيل... إما لأنها أرادت بالعظام كل البدن، لأن الجسد لما لم يشاهد فيه روح عبر عنه بالعظام الذي من شأنه عدم الإحساس، وأن ذلك باعتبار ظنها أن أبدان الأنبياء كأبدان غيرهم في البلاء. اهـ.
وقال الألباني بعد تصحيح الحديث في السلسلة الصحيحة: كنت استشكلت قديما قوله في هذا الحديث: عظام يوسف ـ لأنه يتعارض بظاهره مع الحديث الصحيح: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ـ حتى وقفت على حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن، قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك منبرا يا رسول الله، يجمع أو يحمل عظامك؟ قال: بلى، فاتخذ له منبرا مرقاتين ـ أخرجه أبو داود ـ1081ـ بإسناد جيد على شرط مسلم، فعلمت منه أنهم كانوا يطلقون العظام، ويريدون البدن كله، من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، كقوله تعالى: وقرآن الفجر ـ أي: صلاة الفجر، فزال الإشكال والحمد لله. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني