السؤال
لو عملت بالأسباب واجتهدت ودرست، لكن لم يشأ الله أن أنجح، فكيف أكون مسؤولًا عن قدري؟ وهل أكون في هذه الحال مُسيرًا لقدر قدَّرَه الله عليَّ، وهو الرسوب؟
لو عملت بالأسباب واجتهدت ودرست، لكن لم يشأ الله أن أنجح، فكيف أكون مسؤولًا عن قدري؟ وهل أكون في هذه الحال مُسيرًا لقدر قدَّرَه الله عليَّ، وهو الرسوب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن أخذ بالأسباب المشروعة، واجتهد، ولم يفرط، ثم لم يقدر الله له الحصول على النتيجة التي كان يسعى لها، فإنه في هذه الحالة ليس عليه لوم شرعًا، ولا عقلًا، ولا يقال عنه: إنه مسؤول عن ما قدره الله من عدم النجاح، بل ذلك لحكمة يعلمها الله سبحانه، وقد تكون امتحانًا وتمحيصًا، فعلى العبد التسليم، والرضا، كما قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التغابن:11}، قال قتادة -رحمه الله-: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى، ويسلم.
وأما إن كان عدم النجاح، أو غيره من المصائب بسبب معصية العبد، وتفريطه، فيكون مسؤولًا عن معصيته، وتفريطه، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}.
والعبد له مشيئة، لكنها تابعة لمشيئة الله سبحانه وتعالى، فالعبد ميسر لما خلق له، وقدر الله نافذ في خلقه: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء:23}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فإن العبد له مشيئة، وهي تابعة لمشيئة الله، كما ذكر الله ذلك في عدة مواضع من كتابه: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ. فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إلَى رَبِّهِ سَبِيلًا * وَمَا تَشَاءُونَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ. لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ـ فإذا كان الله قد جعل العبد مريدًا مختارًا شائيًا امتنع أن يقال: هو مجبور مقهور، مع كونه قد جعل مريدًا، وامتنع أن يكون هو الذي ابتدع لنفسه المشيئة.
وهل يقال: إن الإنسان مسير أم مخير؟ فجوابه في هذه الفتاوى التالية أرقامها: 79824، 195679، 318838.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني