الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عضل الزوجة سيئة الخلق لتتنازل عن بعض حقوقها

السؤال

تزوجت زوجتي لما رأيتها عليه من خلق ودين والتزام, ولكنها كانت تكره أهلي كرها شديدا بدون سبب, وكانت تغضب مني غضبا شديدا عندما أطيع أمي وأبي وأبرهما, وافتعلت معهم مشكلة، وقطعت كل علاقاتهم بها, وقد استعملت معها أسلوب الوعظ والهجر، ولكن لا حياة لمن تنادي، وكنت أحبها حبا شديدا، وكنت أدعوا في كل سجود أن يحفظها الله لي, وفي آخر مشكلة بعد ما قمت بتوصيل أمي, طوال الطريق وهي تتحسبن علي برسائل الجوال, وعندما وصلت البيت بالليل أغلقت على نفسها الغرفة، ورفضت أن تستقبلني, وفي الصباح أساءت إلي إساءات شديدة، وهددتني أنها ستحرمني من بنتي... وستذهب إلى بيت أهلها, وستشكوني للمحكمة, وشتمت وآذت كثيرا, وبعد ذلك صفعتها على وجهها عدة مرات، وذهبت إلى بيت أهلها, وبعد ما ذهبت اشتكت مني للشرطة، وزعمت أنني ضربتها بسكين، افتراء وكذبا, وعندما حاولنا الإصلاح, كان شرط أهلها أن أدفع لهم مبلغا ماليا, وأن أترك بيتي, وأن أسكنها بيتا بجوار أمها, وحلفت على القرآن كذبا أمام القاضي أنني ضربتها بسكين، وأحضرت تقارير طبية مزورة , ودخلت السجن لمدة يومين, وبعد ذلك رفعت علي في المحكمة قضية نفقة, ولم تدخر أي جهد هي وأهلها في إيذائي، فهل أنا مأجور أم آثم إذا طلقتها, خصوصا أنني لم أدخر جهدا في إصلاحها, وعاملتها معاملة حسنة أتحدى أحدا في الكون أن يكون عامل بها زوجته, وهي أساءت إلي بشكل كبير فقط لأنني أبر أبوي, وأن أبي قد قال لي, غير عتبة بيتك؟ وعندما تزوجتها استخرت الله أربعا, ومنذ عرفتها إلى آخر مشكلة وأنا أدعو الله في كل سجود أن يحفظها لي, فكيف أفسر من ناحية شرعية ما حصل من عدم استجابة الدعاء والاستخارة, والله مجيب الدعاء؟ وهل يجوز لي أن أعضلها لكي أقلل من تكاليف الطلاق التي ستقع علي؟ وكيف لامرأة لا تقطع صلاة وتداوم على قراءة القرآن والصوم, أن تعصي زوجها وتؤذيه, وتحلف يمينا كذبا غموسا لكي تضره؟ وهل سيغني عنها صومها وصلاتها شيئا أمام الله؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق إذا كان لحاجة كسوء عشرة المرأة، فلا إثم فيه ولا كراهة ولا ثواب، ولكنه يكون مباحاً، قال ابن قدامة عند كلامه على أقسام الطلاق:... والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها، والتضرر بها من غير حصول الغرض بها.اهـ

وراجع أقسام الطلاق في الفتوى رقم: 12963.

وكونك استخرت الله قبل الزواج لا يستلزم بالضرورة ألا يحصل بينك وبين الزوجة شقاق أو فراق، فقد يكون هذا الشقاق أو الفراق خيراً لك، وقد يكون الابتلاء بالزوجة سيئة العشرة خيراً للزوج، وفيه من الحكم والمصالح ما لا يعلمه إلا الله، وراجع الفتوى رقم: 32377.

وأمّا الدعاء: فاستجابته لا تنحصر في تحقق المطلوب فقط، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاث: إِمَّا أنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أنْ يَصْرِف عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أكْثَرُ. رواه أحمد.

وأمّا عن عضل الزوجة التي تؤذي زوجها وتسيء عشرته لتفتدي بالمال فهو جائز، وراجع الفتوى رقم: 76251.

لكن ننبهك إلى أنّ المسائل التي رفعت إلى القضاء لا يسوغ لنا الكلام فيها، ولكن مردها إلى القضاء لفصل النزاع.

وأمّا عن المرأة التي تجتهد في الصلاة والصيام وقراءة القرآن ومع ذلك تؤذي زوجها وتحلف يميناً غموساً، فهي على خطر عظيم، وانظر الفتوى رقم: 313177.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني