السؤال
سمعت رجلا يقول إن عقوبة الزاني تكون بأن يحمل وزر زوج المزني بها المحصنة يوم القيامة، ولم أسمع بذلك لا في كتاب الله ولا سنة رسوله.
سمعت رجلا يقول إن عقوبة الزاني تكون بأن يحمل وزر زوج المزني بها المحصنة يوم القيامة، ولم أسمع بذلك لا في كتاب الله ولا سنة رسوله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكرته لم نقف عليه بالكيفية التي ذكرتها، ولكن وردت نصوص تدل على أصل المقاضاة يوم القيامة بشكل عام، وأن الظالم قد يحمل وزر المظلوم إن لم يكن عنده ما يقضيه به، منها ما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة يأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.
وفي الحديث عن بُرَيْدَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ، فَمَا ظَنُّكُمْ. رواه مسلم.
قال النووي: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَخُون الْمُجَاهِد فِي أَهْله: إِنَّ الْمُجَاهِد يَأْخُذ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ حَسَنَاته مَا شَاءَ، فَمَا ظَنّكُمْ؟ مَعْنَاهُ: مَا تَظُنُّونَ فِي رَغْبَته فِي أَخْذ حَسَنَاته، وَالِاسْتِكْثَار مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْمَقَام، أَيْ: لَا يُبْقِي مِنْهَا شَيْئًا إِنْ أَمْكَنَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَم. اهـ.
وقال ابن القيم في الجواب الكافي: وأعظم أنواع الزنا أن يزني بحليلة جاره، فإن مفسدة الزنا تتضاعف بتضاعف ما انتهكه من الحق، فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثما وعقوبة من التي لا زوج لها، إذ فيه انتهاك حرمة الزوج، وإفساد فراشه، وتعليق نسب عليه لم يكن منه، وغير ذلك من أنواع أذاه، فهو أعظم إثما وجرما من الزنا بغير ذات البعل، فإن كان زوجها جارا له انضاف إلى ذلك سوء الجوار، وآذى جاره بأعلى أنواع الأذى وذلك من أعظم البوائق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ـ ولا بائقة أعظم من الزنا بامرأته، فالزنا بمائة امرأة لا زوج لها أيسر عند الله من الزنا بامرأة الجار، فإن كان الجار أخا له أو قريبا من أقاربه انضم إلى ذلك قطيعة الرحم فيتضاعف الإثم، فإن كان الجار غائبا في طاعة الله كالصلاة وطلب العلم والجهاد تضاعف الإثم حتى إن الزنا بامرأة الغازي في سبيل الله يوقف له يوم القيامة ويقال خذ من حسناته ما شئت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فما ظنكم ـ أي ما ظنكم بأنه ترك له من حسنات قد حكم في أن يأخذ منها ما شاء على شدة الحاجة إلى حسنة واحدة حيث لا يترك الأب لابنه ولا الصديق لصديقه حقا يجب عليه، فإن اتفق أن تكون المرأة رحما منه انضاف إلى ذلك قطيعة رحمها، فإن اتفق أن يكون الزاني محصنا كان الإثم أعظم، فإن كان شيخا كان أعظم إثما وهو أحد الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، فإن اقترن بذلك أن يكون في شهر حرام أو بلد حرام أو وقت معظم عند الله كأوقات الصلاة وأوقات الإجابة تضاعف الإثم، وعلى هذا فاعتبر مفاسد الذنوب وتضاعف درجاتها في الإثم والعقوبة، والله المستعان. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني