السؤال
أنا شاب عمري 23 عامًا، أسكن في سويسرا، ومصاب بالوسواس منذ سنتين، وذهبت إلى أربعة من الأطباء, فإذا سبّ الإنسان دينه، وربه، أو الرسول صلى الله عليه وسلم قصدًا في قلبه، دون أن ينطق بهذا لسانه، ثم استغفر الله، فهل يكفر بهذا ويرتد؟ أم هذا من حديث النفس المعفو عنه؛ لأنني عندما أعمل عملًا صالحًا يأتيني خاطر بأنني كافر، وعملي ليس مقبولًا؟ مع أنني أحفظ القرآن، وأطلب العلم يوميًّا -ولله الحمد- وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على حرصك على معرفة أحكام الشرع، وجزاك الله خيرًا على سعيك في حفظ القرآن، وطلب العلم الشرعي، جعل الله تعالى ذلك ذخرًا في الدنيا والآخرة، ورفعك به عالي الدرجات في الجنة، إنه سميع مجيب.
ولا مؤاخذة عليك في مثل هذه الوساوس، فإذا انتابت قلبك، فأعرض عنها، ولا تلتفت إليها، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، فإنها نوع من كيده ووسوسته، روى أبو داود عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه ـ يعرض بالشيء ـ لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
وكره مثل هذه الوساوس، علامة خير في المرء، روى مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: معناه: استعظامكم الكلام به، هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا، وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلًا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الريبة، والشكوك. اهـ.
فمن كان هذا وصفه، فكيف يكون كافرًا مرتدًا عن الإسلام!؟
ووصيتنا لك أن تجتهد في التخلص من الوساوس: بالإكثار من ذكر الله عز وجل، والحرص على الرقية الشرعية.
وإياك أن تترك الأعمال الصالحة استجابة لوسوسة الشيطان وكيده، وانظر للمزيد الفتويين رقم: 3086، ورقم: 4310.
والله أعلم.