السؤال
ذكرتم في فتواكم جواز التفكير بالحور العين، ولكن رأيت فتوى أيضا بعدم جواز التفكير بالجماع.
فهل يجوز التفكير بأشكال الحور العين بما قد يثير الشهوة؟ وما حكم التفكير بجماعهن؟
ذكرتم في فتواكم جواز التفكير بالحور العين، ولكن رأيت فتوى أيضا بعدم جواز التفكير بالجماع.
فهل يجوز التفكير بأشكال الحور العين بما قد يثير الشهوة؟ وما حكم التفكير بجماعهن؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنّ الإنسان لا يحاسب على مجرد حديث النفس؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل، أو تتكلم. متفق عليه.
لكن إذا أدى التفكير والتخيل إلى الوقوع في محظور كالاستمناء، فهو غير جائز، وانظر الفتوى رقم: 78095.
فالاسترسال مع الخواطر، باب إلى الفتنة والفساد؛ فقد يجرك الشيطان للتفكير في الأجنبيات، ثم يغويك بهن حتى تتقدم الفكرة للعزم على التنفيذ، والوقوع في الفاحشة.
ولابن القيم كلام بديع في بيان مخاطر الخواطر السيئة، والوساوس الشيطانية، وكيفية علاج ذلك.
حيث يقول -رحمه الله- في طريق الهجرتين: قاعدة: في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال، وهى شيئان:
أحدهما: حراسة الخواطر وحفظها، والحذر من إهمالها والاسترسال معها؛ فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء؛ لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أَرض القلب، فإذا تمكن بذرها، تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات، ثم يسقيها حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأَعمال، ولا ريب أن دفع الخواطر أَيسر من دفع الإِرادات والعزائم، فيجد العبد نفسه عاجزاً أو كالعاجز عن دفعها بعد أن صارت إرادة جازمة، وهو المفرط إذا لم يدفعها وهي خاطر ضعيف، كمن تهاون بشرارة من نار وقعت في حطب يابس، فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها.
فإن قلت: فما الطريق إلى حفظ الخواطر؟ قلت: أسباب عدة:
أحدها: العلم الجازم باطلاع الرب تعالى ونظره إلى قلبك، وعلمه بتفصيل خواطرك.
الثاني: حياؤك منه.
الثالث: إجلالك له أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خلقه لمعرفته ومحبته.
الرابع: خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر.
الخامس: إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته.
السادس: خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ويستعر شرارها، فتأْكل ما في القلب من الإيمان ومحبة الله، فتذهب به جملة وأنت لا تشعر.
السابع: أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحب الذي يلقى للطائر ليصاد به، فاعلم أن كل خاطر منها فهو حبة في فخ منصوب لصيدك، وأنت لا تشعر.
الثامن: أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة، لا تجتمع هي وخواطر الإيمان، ودواعي المحبة والإنابة أصلاً، بل هي ضدها من كل وجه، وما اجتمعا في قلب إلا وغلب أحدهما صاحبه، وأخرجه واستوطن مكانه، فما الظن بقلب غلبت خواطر النفس والشيطان فيه خواطر الإيمان والمعرفة والمحبة، فأَخرجتها واستوطنت مكانها، لكن لو كان للقلب حياة لشعر بألم ذلك، وأحس بمصابه.
التاسع: أن يعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له، فإذا دخل القلب في غمراته غرق فيه، وتاه في ظلماته فيطلب الخلاص منه، فلا يجد إليه سبيلاً، فقلب تملكه الخواطر بعيد من الفلاح، معذب مشغول بما لا يفيد.
العاشر: أن تلك الخواطر هي وادي الحمقى، وأَماني الجاهلين، فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة والخزي، وإذا غلبت على القلب أورثته الوساوس وعزلته ... وأفسدت عليه رعيته وأَلقته في الأسر الطويل. اهـ.
والطريق المشروع لك للتغلب على شهوتك هو الزواج، فإذا كنت قادراً على الزواج فبادر به ما أمكنك، وإذا لم تكن قادراً على الزواج، فعليك بالصوم مع حفظ السمع والبصر، واشغل نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، واحرص على صحبة الأخيار الذين يعينونك على طاعة الله، ويربطونك بالمساجد ومجالس العلم والذكر، وعليك بكثرة الدعاء والاعتصام بالله.
ولمعرفة المزيد مما يعين على التغلب على الشهوة وغض البصر، نوصيك بمراجعة الفتويين:36423، 23231.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني