السؤال
أنا أنزّه الله عن صفات البشر، وعن مشابهتهم، دون أن أدخل في التفاصيل، كألفاظ الجسم، والكمية، واللون، والحجم، والأطعمة، والقلب، والضمير، والفم، والشفتين، واللسان، والحر والبرد، والرطوبة واليبوسة، وأنا أنزّه الله عن مشابهة الخلق بإجمال، وأقصد به تنزيه الله عن كل سمات الحدوث، ولا أدخل في هذه التفاصيل، وغيرها، وأكتفي بالتنزيه إجمالًا، ولا أزيد، ولا أفصل، لا سيما أنني موسوس كثيرًا، فهل يكفيني هذا للنجاة؟ وهل عقيدتي صحيحة لا شيء عليّ؟ وبماذا تنصحونني؟ وهل ما أفعله صحيح؟ وماذا عليّ أن أعتقد؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فدع عنك الوساوس في باب العقيدة، فإن الاسترسال معها مفض إلى خطر عظيم، ويكفيك ما ذكرته من نفي النقائص عن الله تعالى إجمالًا، وهذه هي عقيدة السلف ـ رحمهم الله ـ نفي مجمل، وإثبات مفصل، كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في غير موضع، وذلك في ضوء قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ـ وقوله: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ـ وقوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ـ قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: وَمِنْ أَبْلَغِ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ أَنَّ الطَّرِيقَةَ الَّتِي بَعَثَ اللَّهُ بِهَا أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ بِهَا كُتُبَهُ، مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ الْمُفَصَّلِ، وَالنَّفْيِ الْمُجْمَلِ، كَمَا يُقَرِّرُ فِي كِتَابِهِ، وَعِلْمِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَسَمْعِهِ، وَبَصَرِهِ، وَمَشِيئَتِهِ، وَرَحْمَتِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَقُولُ فِي النَّفْيِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ {الشورى: 11}، هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا {مريم: 65 }، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {الإخلاص: 3}، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ {الإخلاص: 4}، وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ اتِّبَاعُ الْمُرْسَلِينَ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَأَمَّا طَرِيقَةُ هَؤُلَاءِ، فَهِيَ نَفْيٌ مُفَصَّلٌ، لَيْسَ بِكَذَا وَلَا كَذَا، وَإِثْبَاتٌ مُجْمَلٍ. انتهى.
فتبين لك بهذا أن ما ذكرته هو الموافق لعقيدة السلف، فدع عنك الوساوس في هذا الباب، وفي غيره من أبواب الدين، ولا تسترسل معها، فإن استرسالك معها -خاصة في هذا الباب- يؤدي بك إلى ما لا تحمد عاقبته.
والله أعلم.