السؤال
نسمع آيات وأحاديث أنه إذا كثر الخبث يهلك الناس، أو إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها.
لماذا يحدث فساد في بلاد الكفر، ولا يحدث عندهم مصائب مثلنا؟ أم أن هذا مختص بالمسلمين لتخفيف العذاب عنهم يوم القيامة؟
سمعت مرة من حسين يعقوب أن المسلم إذا سافر إلى أوربا ونظر إلى اثنين يزنيان فهذا عدا عن أنه حرام فإن الله يعذبه.
أما الذين يزنون؛ فالله قد يعذبهم، وقد لا يعذبهم -طبعا في الدنيا-
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى حكيم عليم، يضع الأشياء في مواضعها ويوقعها في مواقعها، وهو سبحانه لكمال حكمته لا يسأل عما يفعل، وهو سبحانه إذا أمهل العصاة والكفار والفجار، فلم يعاجلهم بالعقوبة، فهذا استدراج منه لهم، كما قال تعالى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ {الأنعام:44}. والآيات في إملائه سبحانه للكفار واستدراجه لهم بما يمدهم فيه من صنوف النعم كثيرة، منها مثلا قوله تعالى: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ * أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ {المؤمنون54: 56}.
فما تراه من العيش الرغيد والتنعم بزهرة الدنيا الذي يتمتع به الكفار ليس إلا استدراجا من الله وإملاء منه لهم، قال تعالى: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ {آل عمران 196: 197}.
ثم إن ما يعانونه من الألم النفسي والمرض القلبي بسبب الحجاب المضروب بينهم وبين ربهم تبارك وتعالى لما عموا عن أسباب رشدهم، وانهمكوا في غيهم لهو من أعظم الشقاء، بيد أنهم محجوبون عنه بسكرة الشهوات، وإنما هم في معيشة ضنك على الحقيقة؛ كما قال الله: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124} . وإن لم يعاجلوا بشيء من العقوبة في الدنيا لما في ذلك من الحكمة الإلهية، فما ينتظرهم من عقوبة الآخرة والحسرة فيها مما لا يعلم قدره إلا الله تعالى.
ولك أن تراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 286987 // 177479 // 268276 .
والله أعلم.