السؤال
ما حكم حلف الأم اليمين على أطفالها عند الغضب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، ولكن إن كانت هذه الأم تحلف على أولادها أن يفعلوا كذا، أو لا يفعلوا كذا، أو كانت تحلف عليهم أن تنزل بهم عقاب كذا؛ فإن كان هذا اليمين يجري على لسانها من غير قصد للحلف، فهو من لغو اليمين.
وأما إن كانت قاصدة للحلف، وكان عقلها ثابتًا بحيث كانت تدري ما تقول، فيمينها هذه يمين منعقدة، فإن لم يحدث ما حلفت عليه، فتلزمها كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن عجزت، فعليها صيام ثلاثة أيام.
وأما إن كانت غاضبة بحيث زال عنها التمييز تمامًا، فلا اعتبار بيمينها، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: وأما قول بعض الناس: إنه لا شيء عليك؛ لأنك في حالة غضب، فهذا الغضب ينظر فيه: فإن الغضب له ثلاث حالات: حال عليا، وحال ابتداء، وحال وسط.
الحال العليا هي: التي يبلغ الأمر بالغاضب إلى أن ينسى ما هو عليه، ولا يدري ما يقول، فهذا لا حكم لقوله: لا في طلاقٍ، ولا غيره. الحال الابتدائي: إذا كان عنده غضب، ولكنه يعي ما يقول، ويملك نفسه، فهذا قوله معتبر بكل حال.
والحال الوسط: التي يعي فيها ما يقول، ولكنه لا يملك ضبط نفسه، ويكون ملجأً إلى أن يقول ما قال، فإنه فيه خلافٌ بين أهل العلم، فمنهم من يرى اعتبار قوله، ومنهم من لا يرى اعتبار قوله. انتهى.
والذي ننصح به كل حالف أن يستثني عند حلفه بأن يقول: إن شاء الله، فإذا حنث لم تلزمه الكفارة، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: فإن قال في اليمين المكفرة: إن شاء الله، لم يحنث، أي: ليس عليه كفارة، وإن خالف ما حلف عليه. مثال في اليمين بالله: قال: والله، لا ألبس هذا الثوب -إن شاء الله-، ثم لبسه، فليس عليه شيء؛ لأنه قال: إن شاء الله، ولو قال: والله لألبسنَّ هذا الثوب اليوم -إن شاء الله-، فغابت الشمس ولم يلبسه، فليس عليه شيء. والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه»، ودليل آخر: قصة سليمان ـ عليه الصلاة والسلام. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني