الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تغيير نية الصلاة في الركعة الثانية

السؤال

حدث عندي لبس في النية بعد دخولي في الصلاة، فلم أتذكر أني أصلي المغرب أم العشاء. فهل يجوز أن أنوي بعد فوات ركعة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من شك في أثناء الصلاة هل نوى أو لا؟ أو شك هل نوى ظهرا أو عصرا؟ فإن ذكر قبل أن يعمل عملا مع الشك بنى على ما مضى من صلاته، وصلاته صحيحة، وإن عمل عملا مع الشك فقد بطلت صلاته عند كثير من أهل العلم، وذهب بعض العلماء إلى عدم البطلان، وقد فصل شيخ الإسلام في شرح العمدة هذه المسألة وذكر تعليل كلا القولين، فننقل كلامه بحروفه للفائدة، قال ـ رحمه الله: وإن شك في أثناء الصلاة هل نوى أم لا؟ أو شك هل كبر للافتتاح؟ ابتدأ الصلاة، لأن الأصل عدم ما شك فيه، فإن ذكر أنه كان نوى أو كبر قبل أن يقطعها بنيته أو يأخذ في عمل منها بنى على ما مضى، لأنه لم يوجد مبطل، فإن الشك وحده غير مبطل، كما لو شك هل صلى ركعة ثم ذكر أنه كان صلاها وإن ذكر بعد أن فعل شيئا منها، فقال ابن حامد: يبني ـ أيضا ـ وهو الذي ذكره القاضي في المجرد والجامع الكبير، لأن الشك لا يزيل حكم النية، كما لو لم يحدث عملا، وذلك لأن كل جزء من أجزاء الصلاة يجب فيه اصطحاب النية، ومع هذا، فلو شك وبقي ساعة يفكر ثم ذكر بنى على صلاته ولو كان ذلك الجزء في حكم غير المنوي لم تصح الصلاة، فكذلك العمل، وحكي عن القاضي أن ذلك يبطل، لأن هذا العمل من الصلاة، فإذا خلا عن النية لم تصح، ومتى بطل بعضها بطل جميعها، ولأن عليه أن لا يفعل شيئا من الصلاة حال الشك، فمتى خالف وفعل لم تصح صلاته وإن كان مصيبا في الباطن، كما في نظائره. وقال جدي ـ أبو البركات: ما فعل مع الشك، كما فعل بغير نية، فلا يعتد به ويكون زيادة في الصلاة، فإذا كان مما لا تبطل الصلاة زيادته كالقراءة والتسبيح فله أن يبني على ما قبله، وإن كان مما يبطل الصلاة زيادته كالركوع والسجود بطلت به، وإذا شك هل أحرم بنفل أو فرض؟ أتمها نفلا، إلا أن يذكر أنه نوى الفرض قبل أن يحدث عملا، وإن ذكره بعد عمل أخذ فيه، فعلى الوجهين، وإن شك هل أحرم بظهر أو عصر؟ فهل هو كما لو شك في أصل النية أو في نية الفرض على الوجهين؟. انتهى كلامه ـ رحمه الله.

وعليه؛ فإذا تذكرت النية قبل شروعك في ركن آخر، ونويت المغرب والتي تصليها هي صلاة المغرب فصلاتك صحيحة، وأما إذا شرعت في ركن آخر قبل تذكر النية المعينة فإنها تبطل عند كثير من أهل العلم، وعليك إعادتها وهو أحوط وأبرأ للذمة . وانظر الفتوى رقم: 345367.

وكذلك تبطل الصلاة إذا أخطأت في النية بأن تذكرت أنك نويت العشاء والصلاة التي تصليها هي المغرب، وذلك لأنه لا يصح تغيير النية من فرض إلى فرض آخر أثناء الصلاة، كما بيناه في الفتوى رقم: 289432.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني