السؤال
سؤالي يتألف من ثلاثة جوانب، وكلها حول موضوع الهبة:
أولًا: جاءتنا من أخت زوجي هدية، هي طقم ذهب متواضع، وزوجي -سامحه الله- لم يخبرني على الفور إن كانت الهدية لي أم لابنتي، فاعتقدت أنها من الممكن أن تكون لابنتي، وخاصة أن نجاحها في الشهادة الإعدادية كان قريبًا، فاعتقدت أنها هدية نجاحها، فقلت لابنتي: "حتى لو كانت لي، خذيها"، ثم بيَّن لي زوجي أن الهدية لي، وليست لابنتي، فخجلت ابنتي، ورفضت أخذها مني، وأحسست في نفسي بالتراجع عن إعطائها إياها؛ لأنها هدية ذات قيمة، ومع ذلك أشفقت على ابنتي أنه خاب أملها أن تكون لها؛ فلذلك عدت وعرضت عليها أخذها، وهي رفضت، فهل يجوز لي الرجوع في هديتي، وأخذها دون إثم؟ خاصة أن لي ابنًا آخر، ولا أنوي إهداءه شيئًا؛ فهنا لا يكون عدلًا بينهما.
وشيء آخر يدفعني إلى استرداد الهدية من ابنتي، وهو أن أخت زوجي أهدتني إياها، وليس من اللائق أن تراها على ابنتي، فكأني أبيِّن لها أني لم أهتم بهديتها. أرجو إجابتي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما السؤال الأول حول هبة الطقم للبنت، فلم يكن جازمًا، وهي لما علمت أنه لم يكن لها بل لك، لم تقبل الهبة منك، ومن ثم؛ فلا شيء عليك في استرجاعها.
وحتى على فرض كونها قد تمت، فللأم الرجوع في هبتها، كالأب على الراجح، قال ابن قدامة -رحمه الله-: وظاهر كلام الخرقي، أن الأم كالأب في الرجوع في الهبة؛ لأن قوله: "وإذا فاضل بين أولاده"، يتناول كل والد، ثم قال في سياقه: "أمر برده"، فيدخل فيه الأم، وهذا مذهب الشافعي ... والمنصوص عن أحمد أنه ليس لها الرجوع ... وقال مالك: للأم الرجوع في هبة ولدها، ما كان أبوه حيًّا، فإن كان ميتًا، فلا رجوع لها؛ لأنها هبة ليتيم، وهبة اليتيم لازمة، كصدقة التطوع، ومن مذهبه أنه لا يرجع في صدقة التطوع. انتهى.
ثم إن العدل بين الأولاد في العطية واجب، وقد تقدمت بذلك فتوى برقم: 6242، والفتوى المذكورة وإن كانت بخصوص الأب، إلا أن الأم كالأب في هذا الحكم؛ لأنها أحد الأبوين، فتسري عليها أحكام العطية لهم، ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض أولاده لعطيته من الحسد، والعداوة فيما بينهم، يحصل مثله في تخصيص الأم بعض أولادها بعطيتها، فيثبت لها مثل أحكامه في ذلك.
وأما السؤال الثاني والثالث؛ فأدخلي كل سؤال منهما على حدة؛ عملًا بسياسة الموقع.
والله أعلم.