السؤال
لقد تعاقدت مع شركة منذ 3 سنوات، بوظيفة مسؤول برامج كمبيوتر (IT). وفي أثناء العمل في السنة الأولى، تمت إضافة 3 شركات على البرامج. وألزمت بمتابعة جميع الشركات، ولم تأتني أي زيادة في الراتب، بالرغم من مناقشة وضع الراتب والزيادة بما يناسب العمل الإضافي الجديد، وكان الرد: إن شاء الله، إلى أن تتحسن الأمور، والي الآن على نفس الوضع.
وقمت بعمل إضافي ساعات عن أوقات الدوام، لمتابعة جميع الشركات. وعند المطالبة بالإضافي، كان الرد: يصير خير، وإلى الآن لم يتم أخذ أي قرار.
خلال السنة الماضية حصلت مشكلتان كبيرتان، وهما هجمات قراصنة الإنترنت على الأجهزة الرئيسية للشركات. وبخبرتي والحمد لله، قمت بحل المشاكل، بالرغم أن هذه المهمة ليست من اختصاصي، وهي من اختصاص شركات الحماية، وإصلاح العمل بعد مشكلة القرصنة على الأجهزة.
وفي هاتين المرتين قمت بالمناقشة مع أصحاب الأمر في الشركة، وقلت لهم إنني أستحق على هذا العمل، عملا إضافيا، أو مكافأة، أو أي شيء؛ لأني تعبت في هذه المشكلة، وقمت بعمل إضافي عن عملي، وإضافي عن وقت الدوام، وهو ليست من اختصاصي. ولو طلبت أي شركة مختصة لحل المشكلة، سوف تأخذ كثيرا من المال، وأنا وفرت عليكم. وكان الرد: أنت ابن من أبناء الشركة، وربنا يبارك فيك وإلخ.
ولثالث مرة حصلت نفس مشكلة القرصنة على الأجهزة الرئيسية، مما ترتب عليه إيقاف العمل بشكل كامل على الأجهزة. فقلت لهم: إنه يوجد شخص ما عنده علم بحل المشكلة، ولكنه سيأخذ مبلغا من المال؛ فوافقوا على ذلك. وقمت أنا بحل المشكلة، وأخذت المال المتفق عليه.
فهل هذا المال حرام أم حلال؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائل يستحق راتبا إضافيا نظير الساعات الزائدة عن أوقات دوامه، والأعمال الزائدة على مهامّ عمله. ولكن هذا لا بد فيه من الاتفاق والتراضي مع الشركة، كي يتم تقدير الأجر الزائد، وبالتالي، يحق له المطالبة به عرفا وقضاءً. ولكن هذا لم يحدث، وقد كان من حق السائل أن يمتنع عن أي عمل خارج عن مقتضى شروط عقده، إلا بفرض راتب خاص به، ولكنه لم يفعل.
وبالتالي، فالحكم له بأي شيء زائد عن راتبه، يحتاج إلى رفع الأمر للقضاء، أو مجلس تحكيم.
وأما بخصوص ما فعله السائل في المرة الثالثة لمشكلة القرصنة، والذي يظهر لنا أنه توكيل من أصحاب الشركة له في إيجاد من يحل مشكلتهم: فلم يُصِبْ فيه؛ لأن الحاصل أن الشركة وكلته في التعاقد مع الشخص الذي زعم أن عنده علما بحل المشكلة، وأنه سيأخذ على ذلك مبلغا من المال، فوافقوا على ذلك! والوكيل لا يسعه إلا أن يعمل في حدود وكالته، وإلا لزم علم موكله وإذنه. كما لا يصح من الوكيل أن يعامل نفسه معاملة مالية نيابة عن موكله، سواء في البيع أو الشراء، أو الإجارة؛ لأنه بذلك يكون قد تولى طرفي العقد، مع تناقض الغرض منهما، وحصول التهمة بمحاباة نفسه. وراجع الفتوى رقم: 378469.
ولذلك، فقد كان الصواب أن يترك السائل شركته تتولى هي الإتيان بمن يحل المشكلة، أو أن يتفق معها على القيام بذلك نظير أجرة معلومة.
وطالما قد حصل ذلك بالفعل، فالذي نراه هو إمضاء هذه المعاملة وتصحيحها، باعتبار أن الأجرة عادلة، وقد رضيت بها الشركة، فانتفت علة الفساد، ويتأكد هذا على مذهب من يجيز للوكيل معاملة نفسه إذا لم يحابها، وهو قول عند المالكية.
قال ابن جزي في القوانين الفقهية: يجوز للوكيل والوصي أن يشتريا لأنفسهما من مال الموكل، واليتيم، إذا لم يحابيا أنفسهما. ومنعه الشافعي وقال: هو مردود. اهـ.
وقال ابن حزم في المحلى: من باع ما وجب بيعه لصغير، أو لمحجور غير مميز، أو لمفلس، أو لغائب بحق. أو ابتاع لهم ما وجب ابتياعه، أو باع في وصية الميت، أو ابتاع من نفسه للمحجور، أو للصغير، أو لغرماء المفلس أو للغائب، أو باع لهم من نفسه، فهو سواء، كما لو ابتاع لهم من غيره، أو باع لهم من غيره ولا فرق، إن لم يحاب نفسه في كل ذلك ولا غيره، جاز. وإن حابى نفسه أو غيره: بطل؛ لأنه مأمور بالقيام بالقسط، والتعاون على البر، فإذا فعل ما أمر به فهو محسن، وإذ هو محسن، ف {ما على المحسنين من سبيل} [التوبة: 91]، ولم يأت قط نص قرآن، ولا سنة بالمنع من ابتياع ممن ينظر له لنفسه، أو يشتري له من نفسه. اهـ.
والله أعلم.