السؤال
بعد اطلاعي على الفتاوى السابقة وجدت أن أخذ العربون في الوعد بالبيع ليس جائزًا، وكنت قد بحثت سابقًا، لكن لم أتذكر حكمه بالضبط، فبعد البحث والتأكد، قررت أن لا آخذ العربون من زبائني، فهل أحاسب على نيتي أني كنت سوف آخذ؟ وإذا كنت أتذكر قليلًا ما قرأت في الفتاوى السابقة، لكني لم أكن متيقنة أنه حرام، وكنت قد نويت وتفاهمت مع الزبائن على أخذ العربون، ولم آخذه، فما حكم ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليك فيما نويت، أو تفاهمت عليه مع زبائنك.
أما عن حكم أخذ ما يسمى بهامش الجدية عند الوعد بالبيع، وقد يسمى عربونًا، فلا حرج فيه، وليس هو بيع العربون؛ ولذلك ينبغي التفريق بين المصطلحين، خشية اللبس في ذلك.
والتفريق بين هامش الجدية والعربون، أوضحه معيار المرابحة، الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، حيث جاء فيه: ويفصل المعيار بين مصطلح العربون، ومصطلح هامش الجدية، خاصة وأن بعض المصارف درجت على استخدام الأول بمعنى الثاني؛ إذ إن العربون بلغة الفقه هو: مبلغ من المال يدفعه العميل إلى البائع، على أن يكون جزءًا من الثمن إن اختار العميل شراء السلعة، وإلا فإنه يذهب للبائع.
أما هامش الجدية فهو المبلغ الذي يدفع للمأمور تأكيدًا على جدية الآمر في طلب السلعة, فإن عدل الآمر في حالة الإلزام، جبر الضرر الفعلي من هذا المبلغ, ويعاد الباقي إلى الآمر، فإذا لم يفِ هامش الجدية بالضرر، فللمأمور أن يعود على الآمر بما تبقى من الخسارة, ويجوز للدائن أن يطلب ضمانًا من المدين، ويجوز أن تكون السلعة المبيعة من الضمانات. اهـ.
وبيع العربون الذي هو: دفع جزء من الثمن عند إبرام عقد البيع، وإذا عدل فيه المشتري عن رغبته في الشراء، فيحتفظ البائع بذلك الجزء المقدم، وإذا أتم الصفقة دفع الباقي من الثمن فقط.
وفي حكم بيع العربون خلاف بين أهل العلم، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن بيع العربون لا يصح، ولا يجوز للبائع أخذه، وعليه رده للمشتري, وممن قال بهذا مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي, ويروى ذلك عن ابن عباس، والحسن.
وذهب الإمام أحمد -رحمه الله- إلى حله للبائع، إن اتفقا على ذلك, ومما استدل به ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن زيد بن أسلم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان، فأحله. ولما روي عن نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية, فإن رضي عمر، وإلا فله كذا وكذا.
ومن ثم؛ فلا حرج على من فعل ذلك، ولا يلحقه إثم، ومن باب أولى لو نوى فعله.
والله أعلم.