الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في حكم صلاة الجماعة

السؤال

الرجاء ذكر العلماء الذين قالوا إن صلاة الجماعة فرض كفاية، و العلماء الذين قالوا إنها سنة مؤكدة, مع ذكر أدلتهم لرأيهم هذا، وهل هناك من علماء هذا العصر من قال بذلك؟وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن العلماء رحمهم الله اختلفوا في صلاة الجماعة، فمنهم من يراها سنة مؤكدة، ومنهم من يراها فرض كفاية، وهناك من قال بوجوبها عينا. فعند الشافعية أنها فرض كفاية، وهو الصحيح من مذهبهم، ومنهم من قال إنها سنة، قال الشيرازي في المهذب: اختلف أصحابنا في الجماعة فقال أبو العباس وأبو إسحاق: هي فرض كفاية يجب إظهارها في الناس، فإن امتنعوا من إظهارها قوتلوا عليها، وهو المنصوص في الإمامة، والدليل عليه ما روى أبو الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة، فإنما يأخذ الذئب من الغنم القاصية.انتهى،

وقال النووي في المجموع شرح المهذب: والصحيح أنها فرض كفاية، وهو الذي نص عليه الشافعي في كتابه "الإمامة" كما ذكره المصنف، وهو قول شيخي المذهب: ابن سُريج وأبي إسحاق وجمهور أصحابنا المتقدمين، وصححه أكثر المصنفين، وهو الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة. انتهى،

وعند أكثر المالكية أنها سنة مؤكدة، وقال بعضهم: إنها فرض كفاية، قال أبو الوليد الباجي في شرحه على موطأ الإمام مالك عند شرحه لحديث: صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة: وهذا الذي ذكره يدل على أن الجماعة ليست بشرط في صحة الصلاة ولا بفرض، واختلف العلماء في ذلك، فذهب بعض أصحابنا وأصحاب الشافعي إلى أن الجماعة فرض على الكفاية، وذهب بعضهم إلى أنها سنة مؤكدة، وقال داود: إن صلاة الجماعة فرض، ولا تجوز صلاة الفذ مع القدرة عليها، والدليل على صحة ذلك الخبر الذي ذكرناه، ووجه الدليل معنيان:أحدهما، أنه جعل صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ، ولو لم تكن صلاة الفذ مجزئة لما وصفت بأن صلاة الجماعة تفضلها، لأنه لا يصح أن يفاضل بين صلاة الجماعة وبين ما ليس بصلاة.والثاني، أنه حد ذلك بسبع وعشرين درجة، فلو لم تكن لصلاة الفذ درجة من الفضيلة لما جاز أن يقال إن صلاة الجماعة تزيد عليها سبعا وعشرين درجة ولا أكثر ولا أقل، لأنه إذا لم يكن لصلاة الفذ مقدار من الفضيلة، فلا يصح أن تتقدر الزيادة عليها بدرجات معدودة مضافة إليها. انتهى.

أما وجوب صلاة الجماعة عينا على الرجال الأحرار، فهو الراجح عند الحنفية، ففي البحر الرائق لابن نجيم: الجماعة سنة مؤكدة، أي قوية تشبه الواجب في القوة، والراجح عند أهل المذهب الوجوب، ونقله في البدائع عن عامة مشايخنا. انتهى.

وكذلك على الوجوب العيني الحنابلة، وللتعرف على المزيد في هذا الموضوع، راجع الفتويين التاليتين: 36549، 34242.

والذي يدعمه الدليل في هذه المسألة هو أن صلاة الجماعة واجبة وجوبا عينيا على الرجال البالغين، مع الخلو من الأعذار المعتبرة التي تسقط الوجوب كما هو واضح من محتوى الفتويين المحال إليهما آنفا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني