السؤال
قال ابن مسعود: إن العبد ليهم بالأمر من التجارة والإمارة حتى ييسر له، فينظر الله إليه، فيقول للملائكة: اصرفوه عنه، فإنه إن يسرته له أدخلته النار، فيصرفه الله عنه، فيظل يتطير بقوله: سبني فلان، وأهانني فلان، وما هو إلا فضل الله عز جل.
هل صح هذا الأثر؟ وهل يمكن شرح النص؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الأثر الذي سألتِ عنه، قد صحح إسناده بعض أهل العلم كابن القيم في كتابه: الصواعق المرسلة، وجاء في تحقيق معارج القبول لعمر بن محمود أبو عمر، ورجاله ثقات عند البغوي، وفيه انقطاع بين خيثمة بن عبد الرحمن وابن مسعود رضي الله عنه، فإنه لم يسمع منه، ورواه من طريق خيثمة ابن أبي شيبة في الرد على الجهمية. وقال الذهبي: أخرجه اللالكائي بإسناد قوي، وقال ابن القيم في الجيوش الإسلامية: إسناده صحيح. انتهى.
وقد جاء هذا الأثر بالفاظ مختلفة من غير رواية عبد الله بن مسعود, ففي تخريج أحاديث إحياء علوم الدين: (في الخبر: إن العبد ليهم من الليل بأمر من أمور) الدنيا من (التجارة) وغيرها (مما لو فعله لكان فيه هلاكه، فينظر الله تعالى إليه من فوق عرشه فيصرفه عنه، فيصبح كئيباً حزيناً فيظن) وفي نسخة يتطير (بجاره وابن عمه من سبقني من دهاني، وما هي إلا رحمة رحمه الله بها) هكذا هو في القوت.
قال العراقي: رواه أبو نعيم في الحلية من حديث ابن عباس بسند ضعيف جداً نحوه، إلا أنه قال: إن العبد ليشرف على حاجة من حاجات الدنيا الحديث بنحوه انتهى. قلت: لفظ الحلية إن الرجل ليشرف في التجارة والإمارة، فيطلع الله عز وجل إليه من فوق سبع سماوات فيقول: اصرفوا هذا من عبدي، فإني إن قيضته له أدخلته النار، فيصبح يتظانّ (يتّهم) بجيرانه من سبقني، هكذا رواه من حديث ابن عباس.
وقد رواه أيضاً عن ابن مسعود موقوفاً عليه، وروى الطبراني من حديث ابن عباس: إن الرجل ليطلب الحاجة فيزويها الله عنه لما هو خير له، فيتهم الناس ظالماً لهم فيقول: من سبقني. قال ابن السبكي: (6/ 374) لم أجد له إسناداً. انتهى.
والمعنى العام لهذا الأثر: أن اختيار الله تعالى خير من اختيار العبد لنفسه، فقد يتمنى الشخص مهنة معينة كالتجارة أو نحوها، فيصرفها الله تعالى عنه؛ لما في سابق علم الله تعالى أن هذه المهنة ستكون سببًا في شقاء هذا الشخص أو هلاكه.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 51941 .
والله أعلم.