الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة التفكير في الماضي قد يكون عائقًا عن كثير من الخير

السؤال

أسأل الله أن ينفعنا بكم، وأن يجزيكم عنا خير الجزاء، وشكر الله جهودكم الطيبة، وبارك لكم.
أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عامًا، من عائلة ملتزمة -ولله الحمد-، تعرضت في طفولتي لموقف مؤذ، ولم أُخبر بهِ أحدًا قط، بل يصيبني بالتوتر، وأشعر أن روحي تحترق إذا ذكرته بيني وبين نفسي.
عندما كنت في السابعة من عمري أمسك بي شاب غريب عند مدخل عمارة المنزل، وتمّكن مني، علمًا أني استجمعت كامل قوتي، وحاولت إبعاده، ولم أستطع، وصرخت بأعلى صوتي، ولم يأتِ أحد، فقام بإدخال أصبعه في القُبُل بقوة عدة مرات بسرعة، ثم ذهب، وشعرت بألم، ومن المؤكد أني فقدت عذريتي، وأجزم أنه أتاني بنيّة الأذية، وليس الشهوة -سامحهُ الله، وغفرَ له، فلعلهُ تاب وندم-.
لا أستطيع أن أتجاهل كل ما حدث، وأقدم على الزواج، وأخاف أن يكتشف الأمر، ويظن بي السوء، ووالدي شيخ حافظ لكتاب الله، وأنا أحبهُ حُبًّا جمًّا، وأخشى أن تتلوث سمعته بسببي.
ولا يمكنني إخبار أحد من أهلي، ولا أملك الجرأة، ولا أضمن ردة الفعل، وإن امتنعت عن الزواج، فقد أندم عندما يتقدم بي العمر.
أطلب من فضيلتكم النصيحة، لعل الله أن ينفعني بها، ويجعلكم سببًا في تفريج همي، ولكم منا الدعاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على إعجابك بموقعنا، وجزاك الله خيرًا على حرصك على الاستقامة على طاعة الله عز وجل، فنسأله سبحانه أن يحفظك، ويحفظك لك دينك، وييسر لك الزوج الصالح الذي تقرّ به عينك.

وهذا التصرف الذي أقدم عليه هذا الشاب وما فعله معك، يدل على ضعف إيمان، وعلى قسوة قلب، وجفاء طبع، ومخالفة للفطرة السليمة؛ إذ الأصل الشفقة، والرحمة بالأطفال، واجتناب إيذائهم بأي أذى، روى أحمد، والترمذي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من لم يعرف حق كبيرنا، ويرحم صغيرنا.

ونرجو أن تجتهدي في محاولة تناسي هذا الأمر؛ حتى لا تهلكي نفسك حسرة على أمر قد مضى وانقضى، فلا مصلحة في التفكير فيه، فأغلقي هذا الباب على الشيطان، فإنه يسره أن يحزن المؤمن، أو المؤمنة، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي، خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز. وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله، وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان.

وما حدث لك قد لا يكون زالت بسببه البكارة، فهذا أمر مشكوك فيه.

ثم إنه على فرض أن البكارة قد زالت، فلم يحصل ذلك عن طريق الفاحشة -والحمد لله-.

فلو قدر أن تزوجت، واطلع زوجك على زوالها، فأخبريه، وأكدي له أنك لم تقعي في الزنى، وأن أسباب زوال البكارة كثيرة، كالحيض، والوثبة، ونحو ذلك، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: زوال البكارة من المرأة، لا يعني أنها كانت فاسدة؛ إذ قد يكون زوال بكارتها لسبب غير الجماع، كعادتها هي، أو سقوطها، أو قفزتها، أو ما أشبه ذلك، وليس معنى ذلك أنني أفتح بابًا للفتيات بالعبث، ولكنني أريد أن أزيل شبهة تقع للزوج في مثل هذه الحال. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني