الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: إن في الجنة حوراء يقال لها: اللعبة...

السؤال

وجدت لفظًا غريبًا عن ابن عباس بخصوص الحوراء لعبة في كتاب: "تنبيه الغافلين" للسمرقندي: عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ حَوْرَاءَ، يُقَالُ لَهَا: لُعْبَةٌ، خُلِقَتْ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْمِسْكِ، وَالْعَنْبَرِ، وَالْكَافُورِ، وَالزَّعْفَرَانِ، وَعُجِنَ طِينُهَا بِمَاءِ الْحَيَوَانِ، فَقَالَ لَهَا الْعَزِيزُ: كُونِي، فَكَانَتْ، وَجَمِيعُ الْحُورِ عُشَّاقٌ لَهَا، وَلَوْ بَزَقَتْ فِي الْبَحْرِ بَزْقَةً مَاءَ الْبَحْرِ ، مَكْتُوبٌ عَلَى نَحْرِهَا: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلِي، فَلْيَعْمَلْ بِطَاعَةِ رَبِّي.
هل هذه الرواية مسندة ثابتة؟ وإن كانت كذلك، فما معنى أن الحور يعشقنها؟ فإن العشق -بحسب اللغة- مرتبط بالشهوة، فهل يعقل أن فيه إشارة للسحاق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالجدير بالذكر ابتداء: التنبيه إلى أن كتاب تنبيه الغافلين ــ مع جلالة مصنفه ــ مليء بالأحاديث الضعيفة، والموضوعة المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لعدم دراية المصنف بعلم الحديث، وما يصح منه، وما لا يصح، وقد قال عنه الذهبي في السير: وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ. اهــ. وقال عنه في تاريخ الإسلام: وفي كتابه: "تنبيه الغافلين" موضوعات كثيرة. اهــ.

فينبغي لمن لا يميز بين الصحيح والسقيم من الأحاديث أن يبتعد عن مطالعة مثل هذه الكتب.

والحديث المذكور في السؤال ليس حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكره في تنبيه الغافلين موقوفًا على ابن عباسٍ من قوله، وبغير إسناد، ولم نجده مسندًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قط في شيء من كتب السنة، بل ولم نجده مسندًا عن ابن عباس نفسه باللفظ المذكور.

وقد ورد مسندًا بألفاظ قريبة عن ابن مسعود، وابن عباس، فقد روى ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا عليه، قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ حَوْرَاءَ، يُقَالُ لَهَا: اللُّعْبَةُ، كُلُّ حُورِ الْجِنَانِ يُعْجَبْنَ بِهَا، يَضْرِبْنَ بِأَيْدِيهِنَّ عَلَى كَتِفِهَا، وَيَقُلْنَ: طُوبَى لَكِ يَا لُعْبةُ، لَوْ يَعْلَمُ الطَّالِبُونَ لَكِ لَجَدُّوا، بَيْنَ عَيْنَيْهَا مَكْتُوبٌ: مَنْ كَانَ يَبْتَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلِي، فَلْيَعْمَلْ بِرِضَاءِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ. اهــ. وذكر ابن الملقن في كتابه: التوضيح شرح البخاري: وقال ابن عباس: في الجنة حوراء، يقال لها: اللعبة، لو بزقت في البحر، لعذب ماؤه. اهــ.

وهذه الآثار الموقوفة، ليس فيها شيء من ذكر العشق.

والعشق في لغة العرب أصله: فرط الحب، وإن أطلق على ما يتعلق بالشهوة، وحاشا لله أن يكون في الجنة شيء مما تساءلت عنه في السؤال.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني