السؤال
جزاكم الله خيرًا على خدمة الإسلام والمسلمين.
أردت الزواج، وبحثت عن زوجة ذات دِين، ووجدت امرأة ذات دين، وخُلُق، تكبرني بثماني سنوات، ولها طفلان من طليقها، وتوكلت على الله، وتكلمت معها، وكل مرة نتفق على الزواج، وأصلي صلاة الاستخارة، ويحول حائل دون زواجنا، وحدث هذا أربع مرات تقريبًا، فقلت في نفسي: لعل الله عز وجل لا يريد لي الزواج من هذه المرأة، وحتى أهلي لم يوافقوا في البداية؛ لأنها امرأة تكبرني بثماني سنين، ولها طفلان، لكني أقنعت أهلي فيما بعد، وتزوجتها رغم كل ما ذكرت، وما أن بنيت بها حتى نفرتُ منها؛ لأني وجدتها غير جميلة، ولا أشتهيها، وقررت أن أفارقها، وتكلمت معها في الموضوع، دون ذكر السبب الحقيقي؛ حتى لا أجرحها، فبكت بكاء شديدًا يقطّع القلب؛ حتى أشفقت عليها، وإلى الآن أشعر بتأنيب الضمير، وأخشى أن أكون قد ظلمتها؛ لأني أخاف الله رب العالمين، فأرجو أن تفيدوني -أثابكم الله-هل ظلمت هذه المرأة بطلاقي لها؛ لأن ضميري يؤنبني ليل نهار، ولا أجد طعمًا للحياة؛ حتى أني لا أخشع في صلاتي؛ لشدة تفكيري في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن رأيت طلاق هذه المرأة، فلك ذلك، وإن طلقتها بالفعل، فلا تكون ظالمًا لها؛ فالطلاق مباح، وخاصة إن دعت إليه حاجة، كما سبق وأن بينا في الفتوى: 43627.
وإن كانت امرأة صالحة مستقيمة، وأمكنك أن تبقيها في عصمتك، فتعفها، وتحسن إليها، تحتسب الأجر من الله عز وجل، فهذا أمر حسن، ولعل الله سبحانه يبارك لك في هذا الزواج، ويرزقك منها ذرية طيبة، تكون ذخرًا لك في الدنيا والآخرة.
ويمكنك النظر في الزواج من أخرى، إن كنت قادرًا على العدل بين الزوجتين؛ لأن هذا هو شرط التعدد، كما قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا {النساء:3}.
وقد تكون النتيجة الحقيقية للاستخارة، ليست في تلك الحالات التي حيل فيها بينك وبين أمر الزواج منها، ويكون تمام هذا الزواج دلالة خير فيه.
وننبه إلى أن مجرد كون المرأة مطلقة، أو كبيرة السن، ليس مانعًا شرعًا من الزواج منها، وكذا كونها لها أولاد؛ فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة -رضي الله عنها-، وهي أسنّ منه، وتزوج أم سلمة -رضي الله عنها-، وتحتها أولاد من زوجها أبي سلمة -رضي الله عنه-.
والله أعلم.