الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا متزوجة، وعندي طفل، رفعت على زوجي قضية خلع؛ لأنه لا يعمل، ولا يريد أن يعمل، ومدمن، وكثير المشاكل، وغير مسؤول، وأنا في بيت أهلي منذ أكثر من عام؛ لأنه في بيت أمّه، وتوجد الكثير من المشاكل التي تخلقها أمه، ونحن ننتظر حكم المحكمة بالطلاق، فهل تعد هذه طلقة واحدة أو ثلاث طلقات؟ فهو يريد الرجوع بعد أن ندم، فهل يصح الرجوع بعقد جديد، أم يجب الزواج من أجنبي؟ بارك الله فيكم، وشكرًا مسبقًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالراجح من كلام أهل العلم أن الخلع تقع به طلقة بائنة، وهو قول الجمهور، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 365983.

فإن تم الاتفاق بينكما على الخلع؛ بأن بذلت لزوجك العوض، وتلفظ هو بالطلاق، أو الخلع، فقد تم الخلع، وتكون إجراءات المحكمة لمجرد التوثيق.

فإن لم يسبق هذه الطلقة طلقتان، جاز له رجعتك، ولكن بعقد جديد، قال البجيرمي الشافعي في "تحفة الحبيب على شرح الخطيب": (وتملك المرأة) المختلعة (به نفسها)، أي: بضعها الذي استخلصته بالعوض، (ولا رجعة له عليها) في العدة؛ لانقطاع سلطنته عليها بالبينونة المانعة من تسلطه على بضعها (إلا بنكاح)، أي: بعقد (جديد) عليها، بأركانه، وشروطه المتقدم بيانها في موضعه. اهـ.

هذا مع العلم بأنه مجرد خاطب من الخطاب، فإن شئت رفضت الرجوع إليه، فإن لم ترتضي الرجوع إليه، فلك الزواج من غيره، ولكن بعد انقضاء العدة. والعدة تختلف من امرأة لأخرى، كما في الفتوى: 111662.

وهذا كله فيما إذا كان الإجراء في المحكمة؛ لمجرد توثيق الخلع الذي وقع.

وأما إن لم يقع الخلع، وتنتظرون حكم المحكمة، فلا تزالين في عصمة زوجك.

ومن أخطر ما ذكرت عنه إدمانه، ولعلك تعنين به تعاطيه الخمر، فإذا كان الأمر كذلك؛ فناصحيه بالحسنى، وذكّريه بالله -عز وجل-، ووجوب التوبة، فإن تاب فالحمد لله، وإلا ففراق مثله أفضل، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحب لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.

وأما كونه لا يعمل، وكثير المشاكل، فهو أهون، ولكن ليس بالأمر الهين، فمن حقك عليه أن ينفق عليك وولدك، وأن يعاشرك بالمعروف، فيعاملك معاملة حسنة، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. اهـ.

وينبغي مناصحته في هذا الأمر أيضًا، فإن صلح حاله فذاك، وإلا فلك الحق في طلب الطلاق للضرر، وراجعي الفتوى: 37112.

وننبه إلى أن من حق المرأة أن تكون في مسكن مستقل، فلا يلزمها السكنى مع أقارب زوجها، ولها الامتناع عن السكنى معهم، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 137672. فإن لم يوفر لك زوجك هذا المسكن، فمن حقك مطالبته به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني