الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من الطلب من الإناث التنازل عن الميراث للذكور

السؤال

لديَّ مشكلة تتعلق بالميراث مع أهلي: أبي قبل وفاته كتب لي ولأخواتي البنات والذكور وأمي بعض الأملاك، وترك البعض الآخر يوزع حسب الشرع. ما حدث بعد الوفاة أن أمي وأخي الكبير طلبوا مني أنا وأخواتي البنات التنازل عن الميراث لإخوتي الذكور. أخواتي البنات قمن بالتنازل عن الأملاك خوفا من غضب أمي، وهن غير متزوجات. أما أنا فرفضت ذلك؛ لأن لديَّ أطفالا، وهذا حقي الشرعي. مع العلم أنني لا أتحصل على أيِّ شيء من أموال الميراث، وإيجارات الأملاك، تأخذها أمي وإخوتي الذكور، وأنا وأخواتي البنات لا نتحصل على أيِّ شيء.
أنا أرفض التنازل عن الميراث خوفًا من المستقبل. لديَّ أطفال، وليس لي عمل. أنا خائفة من غضب أمي عليَّ، فهي تدعو عليَّ كل يوم، وتقول: إن الله سوف يغضب عليَّ؛ لأنني لا أريد التنازل عن الميراث لإخوتي الذكور، وأخي يقول لي: أعلم أن هذا حرام، ولكن غضب أمي أعظم. سوف أنقل لأمي وإخوتي ردكم على رسالتي.
هل من الشرع أن يتم توزيع الميراث بغير شرع الله؟ هل من الشرع حرماني أنا وأخواتي البنات من ميراث أبي؛ مخافة أن تغضب أمي؟ مع شعورهم بالظلم والقهر. هل أنا آثمة لأنني لا أريد التنازل عن حقي الشرعي في الميراث؟
اختصرت في قصة الكثير من الألم حتى لا أطيل على حضراتكم، ولكن ما يحزنني أن أمي تدعو عليَّ، وإخوتي يتهمونني بالظلم والجشع، ولا يتحدثون معي، بجانب أنهم يفسدون بيني وبين زوجي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فجوابنا على سؤالك يتخلص فيما يلي:
1) ليس من حق الأم أن تطالب بناتها بالتنازل عن نصيبهن الشرعي من الميراث للذكور، وهي بهذا ظالمة متعدية لحدود الله تعالى، فعليها أن تتقي الله تعالى، وأن تعلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأنها مطالبة بالعدل، كما في حديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
2) دعاء الظالم لا يستجاب، ولو كان والدا أو والدة، فلا يستجاب دعاء الأم على ابنتها لمجرد أنها ترفض أن تتنازل عن نصيبها من الميراث لإخوتها الذكور. وانظري الفتوى: 21067.
3) ما كتبه الوالد قبل وفاته باسم زوجته وأبنائه وبناته إن كان يعني بتلك الكتابة أن يأخذوه بعد وفاته، فهذه تعتبر وصية لوارث، وهي ممنوعة شرعا، وليست بلازمة، فيُرد ما كتبه لهم إلى التركة، ويقسمونه بينهم القسمة الشرعية، وإن كان كتبه لهم على أنه هبة، وحازوها في حياته، وتمت الهبة بشروطها المعتبرة شرعا، فهي هبة صحيحة ماضية، ولا يدخل ما وهبه لهم في التركة.
4) حرمان الأنثى من الميراث، وتخصيصه للذكور يعتبر صورةً جليةً من صور الجاهلية الأولى، فقد كان الناس في زمن الجاهلية قبل البعثة النبوية يحرمون الأنثى من الميراث، ويجعلونه للذكور فقط، حتى نزل قوله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا. {النساء:7}.

وانظري الفتوى: 157305.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني