الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تسليم الصبي الذي أسلم لأهل ملته

السؤال

سؤالي لحضرتكم -جزاكم الله خيرا- أن طفلا لعائلة كافرة وصل بطريقة ما إلى مناطق المسلمين، وعاش عندهم، وأصبح على ملتهم، وحفظ من القرآن والسنة. فهل يجوز تسليمه لعائلته خاصة أن والديه متوفيان، ويطالب به عمه. مع العلم أنه في حالة ذهابه إلى عمه، فلا شك أنه سيصبح على ملتهم التي تعبد الشيطان، وتعظم الأصنام، وتكفر بالرحمن. وعمر الطفل قرابة العشر سنوات. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دام هذا الطفل المميز قد أسلم فهو مسلم محكوم بإسلامه عند جماهير العلماء، جاء في المغني لابن قدامة: والصبي إذا كان له عشر سنين، وعقل الإسلام، فأسلم، فهو مسلم، وجملته أن الصبي يصح إسلامه في الجملة، وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه وإسحاق وابن أبي شيبة وأبو أيوب. انتهى

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّة وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ إِسْلامَ الْمُمَيِّزِ يَصِحُّ اسْتِقْلالا مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، أَوْ تَبَعِيَّتِهِ لأَحَدِ أَبَوَيْهِ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الإِسْلامِ، وَهُوَ مَا زَالَ فِي صِبَاهُ فَأَسْلَمَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الصِّبْيَانِ؛ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ "؛ وَلأَنَّ الإِسْلامَ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ فَصَحَّتْ مِنَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ كَالصَّلاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ. انتهى

وعليه؛ فلا يجوز تسليمه لعمِّه ولا لغيره من غير المسلمين، لئلا يفتنوه عن دينه، ويجبروه على الردة، قال الزركشي في شرح مختصر الخرقي: ... إذا صححنا إسلام الصبي، أو لم نصحح ردته فلا ريب أنه يحال بينه وبين أهل الكفر، وكذلك إن لم نصحح إسلامه، أو صححنا ردته، حذارا من فتنته، ورجاء ثبوته على الإسلام، أو عوده إليه حين بلوغه. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني