الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموازنة بين طلب الطلاق وعدمه

السؤال

هل يجوز لي شرعًا أن أطلب الطلاق، بسبب أن زوجي شخصيته شكاكة، وانتقادية، فأنا متزوجة من خمس سنين، ولي أطفال، ولكن لأنه شكاك حاصرني، وتعبت نفسيًا، وكما أنني اجتماعية.
وسأذكر لكم جزءًا من تصرفاته حتى تقدروا المسألة، فهو يقفل الباب، ويخبئ المفتاح، ويمنعني من زيارة الجيران إلا وهو موجود، مع تأخر وصوله من العمل، وذوق المجتمع يقضي بعدم زيارة الحارات في وجود أزواجهن، ويمنعني حتى من نزول سلم العمارة، أو طلوعه بمفردي، ولذلك ربما لا يريد أن يسجل ابني في رياض الأطفال لأنه لا يدري كيف سأستلمه من المدرسة عندما توصله للمنزل، فهو كذلك جاسوس على هاتفي، وقراءة محادثاتي الخاصة مع صديقاتي، لكن الحمد لله قل تجسسه، غيور لدرجة أنه يفسر تصرفات عادية بأنها قلة أدب، لدرجة تعقدت، وصرت لا أسلم ولا أعزي أهل الميت من أقاربي من الرجال، ولو كان أبوهم ، يمنعني من التزين في المناسبات النسائية المغلقة خوفًا من تصويري، بل وحتى أمام صديقاتي في أماكن الجامعة المغلقة للنساء، وكذلك لا أذهب لصالون التجميل، حتى الحمامات العامة يظن أن بها كاميرات، قلة زياراتي لأرحامي؛ لدرجة أنني لم أزر بعضهم من قبل أن أتزوج لأنه يحب المكوث في المنزل كما يكره أن أزور أهلي فيتسبب بفعل أي شيء ليفسد الزيارة ويلغيها، هذا من غير تشدده في لباسي، ومنعه غير الأسود .. وتهديده بأن يمنعني من العمل عندما أكمل دراستي الطبية، وغيره مما يضيق المجال بذكره كله.
أنا وهو جيدان لكن شخصياتنا لا تتفق سويا، فربما وجد غيري من تصبر عليه، والطلاق ليس حلًا لأنه هو أيضا معاناة، لكن أراه خيرًا لي من تحمل هذه العزلة، والتضييق عليّ ومراعاة لأبنائي،
سؤالي: هل هذا مبرر شرعي للطلاق؟ أم يدخل في أن هذا ليس ببأس

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في الأصل عدم جواز طلب المرأة من زوجها الطلاق إلا أن يدعوها لذلك مسوغ شرعي، وسبق أن ضمنا الفتوى 37112، بعض مسوغات طلب الطلاق، ومن هذه المسوغات تضرر المرأة من زوجها تضررًا بينًا، فإن بلغ الأمر بك إلى هذا الحد من الضرر جاز لك طلب الطلاق، ولكن -كما ذكرت- أن الطلاق ليس حلاً دائمًا، وربما تلجأ إليه المرة وتندم على ما فعلت، وتتمنى لو أنها صبرت، وربما بحثت عن سبيل للرجوع لزوجها، ولا يتيسر لها ذلك، هذا بالإضافة إلى ما في فراق الأبوين من الأثر السيء على الأولاد، ونشأتهم غير السوية، وفي ذلك من الضرر ما فيه.

ولذلك ينبغي التريث، والإكثار من الدعاء أن يصلح الله الحال، فالله عز وجل على كل شيء قدير، وهو سبحانه يحب أن يدعى وحري أن يستجيب، قال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، وراجعي الفتوى 119608. وهي عن آداب الدعاء. وابذلي النصح لزوجك، أو سلطي عليه ببعض الفضلاء ممن يثق بهم، ليبينوا له أن الغيرة إنما تحمد إذا كانت في حد الاعتدال، وأما إذا تجاوزت ذلك كانت أشبه بالمرض الذي يؤذي به المرء نفسه ويؤذي أهله، وهو ما عليه حاله بإساءة الظن بأهله، ومحاولته التجسس عليهم، والعمل على التضييق عليهم، فلعله يستجيب للنصح وينصلح الحال. فإن لم يحصل المبتغى، فلا تعجلي إلى طلب الطلاق حتى تستشيري الثقات الناصحين، فإن ترجحت مصلحته فذاك وإلا فاصبري، فعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، ويكون فرجًا ومخرجًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني