الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الأم في التنازل عن الميراث لأحد الإخوة

السؤال

أنا رجل متزوج، أبلغ من العمر 43 سنة، ولديَّ عدد من الأولاد، والحمد لله. مشكلتي مع والدتي؛ حيث إننا ولدان، وخمس بنات.
تريد والدتي منا جميعا أن نتنازل لأخي، والذي يبلغ من العمر 35 سنة، عن جزء من ميراثنا الذي ورثناه من والدنا -رحمه الله-، وهو عبارة عن منزل، وهو مؤجر، وله مدخول شهري جيد ،علما بأن أخي مشترك معنا في نفس الميراث، ونحن متساويان.
وهو موظف ولديه مدخول جيد، وهو غير متزوج، ويعيش مع والدتي في نفس المنزل؛ حيث تصرف على المنزل من راتب تقاعد الوالد، وكذلك من مبلغ نعطيه لوالدتنا كل شهر، ونتحمل جميع مصاريف بيت والدتي، فهو لا يدفع شيئا لمصروف البيت.
أنا رفضت أن أتنازل عن نصيبي لعدة أسباب، وأحد هذه الأسباب أنه يوجد عليَّ ديون، أما البنات فوافقن على التنازل له. جميعهن متزوجات، وحالة أزواجهن المادية جيدة، الحمد لله.
لا أعرف كيف أتصرف، فهي غاضبة مني، وكذلك أخي؛ حيث قامت بعمل المشاكل بيني وبين أخي، ويشهد الله أني أحب أخي، وأتمنى له الخير، إلا أني لا أستطيع أن أتنازل له؛ لأن ظروفي لا تسمح، ومدخولي لا يكفيني.
وأنا لا أريدها أن تغضب عليَّ، ماذا أفعل فهل موقفي هذا يغضب الله إذا لم أسمع كلام والدتي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يلزمك شرعا طاعة أمك في أمرها لك بالتنازل عن نصيبك من هذا الميراث لأخيك، فطاعة الوالدين لا تجب بإطلاق، ولكنها مقيدة بما فيه مصلحة لهما، ولا مضرة على الولد، كما بيناه في الفتوى: 76303.

ثم إن الفقهاء لم يرخصوا للوالد في الأخذ من مال ولده ليعطيه لولده الآخر، وراجع كلامهم في الفتوى: 46692.

وإن تسببت أمك في مشكلة بينك وبين أخيك، فهذا التصرف منها لا يجوز، وليكن منك ومن أخيك التعقل، وعدم ترك الفرصة للشيطان للوقيعة والخصام، وقطيعة الأرحام، فإنها من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، كما هو مبين في الفتوى: 31617.

ونوصيك بالتلطف بأمك، واتقاء غضبها، والعمل على مداراتها، وتوسيط أهل الخير لإقناعها، وبرها بما يمكنك برها به، عسى الله أن يفتح عليك بسببه كثيرا من أبواب الخير، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق3:2}، وروى أحمد في المسند أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله جل وعز إلا أعطاك الله خيرا منه.

وننبه إلى أن هنالك تفصيلا فيما يتعلق بحكم راتب التقاعد، وما إن كان يعتبر من الميراث أم لا، فيمكن مراجعته في الفتوى: 69277.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني