السؤال
أريد معرفة سبب تضعيف بعض العلماء لحديث في صحيح مسلم الذي في معناه إن شر الناس يوم القيامة الرجل يفضي إلى زوجته فينشر سرها
أريد معرفة سبب تضعيف بعض العلماء لحديث في صحيح مسلم الذي في معناه إن شر الناس يوم القيامة الرجل يفضي إلى زوجته فينشر سرها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان: البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول.
قال الحافظ ابن الصلاح: جميع ما حكم مسلم -رحمه الله- بصحته في هذا الكتاب فهو مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر، وهكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه.
ويستثنى من هذا أحاديث قليلة انتقدها بعض النقاد من المحدثين.
قال ابن الصلاح: ما انفرد به البخاري ومسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته، لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول، سوى أحرف يسيرة حكم عليها بعض أهل النقد كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن.
ويدخل فيها الحديث المذكور: إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها. ففي إسناده: عمر بن حمزة العمري وهو ضعيف. قال الذهبي في الميزان بعد أن ساق له هذا الحديث: هذا مما استُنكر لعمر.
وتعقب ابن القطان عبد الحق الإشبيلي في "بيان الوهم والإيهام" بقوله: سكت عنه، وهو حديث إنما يرويه عند مسلم عمر بن حمزة العمري عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي سعيد، وعمر بن حمزة ضعفه ابن معين، وقال: إنه أضعف من عمر بن محمد بن زيد، وهذا تفضيل لعمر بن محمد بن زيد عليه فإنه ثقة -أعني عمر بن محمد-، فهو في الحقيقة تفضيل أحد ثقتين على الآخر، وأما ابن حنبل فقال: أحاديثه مناكير فالحديث به حسن.
وتعجب الألباني من تحسين ابن القطان له في آداب الزفاف، وقال: ولا أدري كيف حكم بحسنه مع التضعيف الذي حكاه هو بنفسه، فلعله أخذته هيبة الصحيح.
وننبه على أن هناك أحاديث تشهد لهذا الحديث بقبح الفعل المذكور، وذم من يفعله، إلا أنه ليس فيها أن من يفعل ذلك يكون "من شر الناس منزلة يوم القيامة".
من هذه الأحاديث ما رواه البزار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا عسى أحدكم أن يخلو بأهله يغلق باباً ثم يرخي ستراً، ثم يقضي حاجته، ثم إذا خرج حدث أصحابه بذلك، ألا عسى إحداكن أن تغلق بابها، وترخي سترها، فإذا قضت حاجتها حدثت صواحبها. فقالت امرأة سفعاء الخدين: والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون. قال: فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة على قارعة الطريق فقضى حاجته منها ثم انصرف وتركها. وحسنه الألباني.
ومنها ما رواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فلما سلم أقبل عليهم بوجهه فقال: هل منكم الرجل إذا أتى أهله أغلق بابه وأرخى ستره ثم يخرج فيحدث فيقول: فعلت بأهلي كذا وفعلت بأهلي كذا؟ فسكتوا، فأقبل على النساء فقال: هل منكن من تحدث؟ فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت ليراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع كلامها، فقالت: أي والله، وإنهم يتحدثون وإنهن ليتحدثن، فقال: هل تدرون ما مثل من فعل ذلك، إن مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما صاحبه بالسكة فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني