الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجبت في ماله الزكاة ولم يخرجها جهلا واشترى أرضا ولم يبق معه مال

السؤال

عملت أربع سنوات براتب شهري، ولم أعلم أن زكاة الراتب واجبة إذا بلغت النصاب، ومَرَّ عليها الحول، فلم أخرجها، وبعد الأربع سنوات اشتريت قطعة أرض مبانٍ؛ للحفاظ على قيمة المال فيها، ولم يبق معي من المال شيء. وأنا الآن علمت بوجوب الزكاة على الراتب إذا بلغ النصاب، ومر عليه الحول. فماذا أفعل؟ علما أنه يوجد عليَّ دين من باقي مبلغ قطعة الأرض.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما تدخره من راتبك كغيره من الأموال إذا دخل في ملكك، وبلغ النصاب، وحال عليه الحول، وجبت فيه الزكاة، كما بينا ذلك في الفتاوى التالية: 3922, 477, 49483.

فإن كنت توفر من راتبك ما يبلغ نصابا بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى، أو عروض تجارية في ملكك، وحال عليه الحول الهجري وهو كذلك، وجب عليك إخراج الزكاة عن كل سنة مضت عليك، وأنت تملك النصاب.

فلو فرض أنك ملكت نصابا في أول رمضان، ولم ينقص النصاب حتى جاء رمضان الآخر، فقد حال الحول، ووجبت الزكاة في المال، وهكذا.

ويجب إخراج الزكاة عن السنين الماضية فورا كاملة، سواء في ذلك إن كنت لم تخرجها جهلا أو تكاسلا؛ لأن الزكاة حق الفقراء، ولا يجوز تأخيرها من غير عذر، ولا تسقط الزكاة بالتقادم، ولا تطالَب بإخراج أكثرمن ربع العشر، وعليك أن تجتهد وتتحرى في معرفة قدر ما عليك من الزكاة.

ففي فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة، وأخَّرها بغير عذر مشروع أثِم، لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها. اهـ

وجاء فيها أيضا: من وجبت عليه زكاة، ولم يخرجها في وقتها المحدد، وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يُزَكَّ لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال، وعدد السنوات إذا شك فيها؛ لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ـ وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى.

وأما شراء الأرض: فلا يسقط وجوب ما في ذمتك من الزكاة، فيجب المبادرة بإخراج الزكاة عن السنوات الأربع الماضية.

فإن كان الإنسان لايملك ما يؤدي به الزكاة بأي حال، فإن الزكاة تبقى دينا في ذمته كسائر الديون، يؤديها فور تمكنه من أدائها.

قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ فيمن وجبت الزكاة في أرضه، وليس عنده ما يخرج به الزكاة: إلا لمن عجز عن إخراج زكاتها، لعدم وجود مال عنده سواها, فهذا يمهل حتى يبيعها ويؤدي زكاتها عن جميع السنوات, كل سنة بحسب قيمتها عند تمام الحول, سواء القيمة أكثر من الثمن، أو أقل. اهـ.

وبناء عليه، فهذا الدين الجديد الذي استقر في ذمتك عند شراء قطعة الأرض لا يسقط ما في ذمتك من دين الزكاة عن السنوات الماضية، وإنما يؤثر الدين في زكاة الأرض نفسها إن كانت تجب فيها.

وطريقة حساب الزكاة عن السنوات الماضية: أن تتحرى مقدار المبلغ الذي كنت تملكه في السنة الأولى عند تمام الحول بما يغلب على ظنك، ثم تخرج من هذا المقدار ما يساوي 2.5% وهو ربع العشر، ثم تحسب ما كان معك في تمام حول السنة الثانية مخصوما منها مبلغ الزكاة الذي وجب في السنة الأولى، ثم تخرج من هذا المقدار ما يساوي 2.5%، وهكذا تصنع في السنة الثالثة والرابعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني