السؤال
زوجي شديد الغيرة. وفي يوم كنا نتحدث بشكل طبيعي من دون أي مشاكل. فقلت شيئا غضب منه، وشعرت أن مزاجه تعكر؛ فذهبت إلى النوم حتى أبتعد عنه؛ لأنه شديد الغضب. وفي الصباح قال لي: أريد أن أكلمك في موضوع، قلت له: ما هو؟ قال لي: أنت طالق طالق طالق. وعندما حاولت التحدث معه، قال لي: كمان -وأيضا- طالق.
فهل وقعت ثلاث طلقات أم ماذا؟ لا أدري ماذا أفعل، فنحن نعيش في بلد بعيد عن أهلي، ولا أجد محاكم شرعية؛ لأننا نعيش في بلد أجنبي، علما أنه قال لي قبلها بثلاث سنوات: أنت طالق طالق طالق؟
أفيدوني جزاكم الخير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنّ من قال لزوجته: أنت طالق طالق طالق، ونوى إيقاع ثلاث تطليقات، أنها تطلق ثلاثاً، وتبين منه بينونة كبرى، وأنه إذا لم ينو إيقاع أكثر من طلقة، فلا يقع إلا طلقة واحدة، وهذا قول أكثر أهل العلم.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقال أردت التوكيد، قبل منه؛ لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله -عليه السلام-: "فنكاحها باطل باطل باطل". وإن قصد الإيقاع، وكرر الطلقات، طلقت ثلاثا. وإن لم ينو شيئا لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكنّ متغايرات. انتهى.
وأمّا قول الزوج: "وكمان طالق" فهو ظاهر في إنشاء طلاق؛ وعليه، فسواء كان زوجك قصد بتكرار اللفظ تكرار وقوع الطلاق أو قصد التأكيد؛ فقد أوقع ثلاث تطليقات.
فالمفتى به عندنا حصول البينونة الكبرى، لكنّ بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، ولا يوقع بالطلاق المتتابع قبل رجعة، أو عقد جديد إلا طلقة واحدة.
قال -رحمه الله- في مجموع الفتاوى :.. وكذلك إذا طلقها الثانية والثالثة قبل الرجعة، أو العقد عند مالك وأحمد في ظاهر مذهبه وغيرهما؛ ولكن هل يلزمه واحدة؟ أو ثلاث؟ فيه قولان. قيل: يلزمه الثلاث؛ وهو مذهب الشافعي. والمعروف من مذهب الثلاثة. وقيل: لا يلزمه إلا طلقة واحدة؛ وهو قول كثير من السلف والخلف، وقول طائفة من أصحاب مالك وأبي حنيفة؛ وهذا القول أظهر. انتهى.
فالذي ننصح به أن يشافه الزوج من تمكنه مشافهته من أهل العلم في المركز الإسلامي، أو غيره ممن يثق بعلمهم ودينهم. ويعمل بفتواهم.
والله أعلم.