الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب على من أخبر غيره بآثار ضعيفة أو أحكام شرعية غير راجحة

السؤال

نسأل الله أن ينفع بعلمكم، وأن يوفقكم لكل خير.
قلت لشخص ذات مرة: إن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خطب في الشام، وقال: أهينوا النصارى. وبحثت عن الأثر بعد ذلك، فوجدته ضعيفًا.
وقلت له أيضًا: "إن تلحين الأذان حرام؛ لأني قرأت أو سمعت أثرًا لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه جاءه شخص، وقال له: إني لأحبك في الله، وقال له عبد الله: وأنا أبغضك في الله، إنك تبغي في أذانك، وبعد ذلك تبين لي -والله- أعلم أنه مكروه، إذا لم يغيّر معنى الأذان، وأنه محرم ولا يجوز إذا غيّر معنى الأذان.
وقلت لشخصين أيضًا، وهما يكونان في الغالب إمامين لصلاة الظهر والعصر: إن الإسبال حرام؛ بناء على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما أسفل من الكعبين من الإزار، ففي النار". أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعندما بحثت عن حكمه، تبين لي أن فيه خلافًا إذا كان بدون خيلاء. أما إذا كان خيلاء، فهو متفق على أنه حرام، وأن صاحبه متعرض لغضب الله، وسخطه يوم القيامة، إن لم يتب.
وقد قلت ذلك بناء على دليل، وليس هكذا دون علم، فماذا عليّ أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعليك فيما بعد أن تتثبت مما تنقله.

وليس كل أثر -صح أو ضعف- مما يسوغ لك استنباط الحكم منه، بل استنباط الأحكام لأهله من الراسخين في العلم، فقُل بحدّ علمك، ولا تزِدْ على ما تعلم، ولا تجعلْ لنفسك حظًّا في الاستنباط، وأنت لم تمتلك أدواته، قال الله تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ {الإسراء:36}.

وإذا لقيت من أخبرته بما مرّ، فينبغي أن تصوّب له ما تتيقن أنك أخطأت فيه، وما ذكرته عن عمر -رضي الله عنه- قد ذكره العلماء بمعناه مقرّين له، قال ابن القيم: وقال عبد الله بن أحمد: حدثنا أبي، ثنا وكيع، ثنا إسرائيل، عن سماكابن حرب، عن عياض الأشعري، عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قلت لعمر -رضي الله عنه- إن لي كاتبًا نصرانيًّا، قال: مالك -قاتلك الله- أما سمعت الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، ألا اتخذت حنيفا!؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، لي كتابته، وله دينه، قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله. انتهى.

والأثر المذكور عن ابن عمر في كراهة اللحن في الأذان، صحيح كذلك، ولا حرج عليك في الإخبار به.

وأما مسألة الإسبال فما ذكرته قول من قولين، لكن ينبغي أن تبين الخلاف، فإنه أولى، وأبرأ للذمة، وهذا إن أمكنك البيان.

وأما إذا لم تلقه، ولم يمكنك التصويب له، فلا شيء عليك -إن شاء الله-؛ لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني