السؤال
أعلم أن الله لا ينظر للعاق، ولكن إذا تاب العاق، فهل ينظر الله له يوم القيامة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الوعيد للعاق لوالديه، جاء في سنن النسائي من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ قال: ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ. وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى.
وإذا علمت هذا؛ فإن هذا الوعيد لا يشمل التائب؛ لما تقرر في النصوص الكثيرة من أن التائب تمحى عنه ذنوبه، ويعود كمن لم يذنب، فقد روى ابن ماجه، وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: نحن حقيقة قولنا: إن التائب غير معاقب، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعًا، ولا قدرًا. اهـ.
فهذا الوعيد للعاق لوالديه هو ما دام عاقًّا لهما، وإذا مات مصرًّا على هذه الكبيرة. وأما من تاب، فإن الله يتوب عليه.
ومن هنا قال الشيخ محمد علي آدم الأثيوبي في شرح هذا الحديث في كتابه: ذخيرة العقبى: "ثَلَاثةْ لَا يَنْظُرُ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَيْهِمْ) أي: نظرَ رحمة، ومغفرة، وإلا فلا يغيب أحد عن نظره، والمؤمن مرحوم في الآخرة قطعًا (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) خصّ يوم القيامة؛ لأنها مَظهَرُ الرحمة واللطف. هذا كلّه فيما إذا ماتوا قبل التوبة. فأما إذا تابوا، وماتوا، فإن اللَّه تعالى يتوب عليهم (الْعَاق لِوَالِدَيْهِ) أي: المقصّر في أداء الحقوق إليهما. يقال: عقَّ الولد أباه عُقُوقًا، من باب قَعَدَ: إذا عصاه، وترك الإحسان إليه، فهو عاقّ، والجمعُ عَقَقَةٌ، كبَارّ وَبَرَرَة. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني