الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح للمرأة التي لا يصلها إخوتها

السؤال

أنا الأخت الرابعة لأربعة إخوة، وهم مقصرون جدًّا في حقي من الصلة، حتى عند إنجابي لأطفالي الثلاثة فأنا محرومة من مجرد اتصال هاتفي للسؤال عن صحتي أو صحة المولود، وأنا وحيدة مقيمة في فرنسا، وكل عائلتي بالجزائر، ونسوتهم غير متدينات، نمامات مؤذيات لنا نحن الأخوات، ولوالدتي العجوز، فكيف أتعامل معهم؟ رغم أني أجهد نفسي وأتصل بهم للسؤال عنهم، وأتعذب كثيرًا لحال أسرتي الممزق.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فشأن الرحم عظيم، فقد أوجب الله عز وجل صلتها، وحرّم قطيعتها، بل إن قطيعتها من أسباب اللعن: أي الطرد من رحمة الله تعالى، وراجعي في ذلك الفتوى: 26850، والفتوى: 43714.

فإذا كان هنالك نوع من القطيعة لك من جهة إخوتك؛ فإنهم مسيئون بذلك.

وقد احسنت أنت بحرصك على صلتك لهم رغم هذه القطيعة.

وهذا من الخير الذي تجدين ذخره في الدنيا والآخرة -بإذن الله سبحانه-، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علّي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

وينبغي بذل النصح بالرفق، واللين لإخوتك، وتذكيرهم بأهمية صلة الرحم، وتحذير الشرع من قطيعتها، والأولى أن يقوم بذلك من يرجى أن يكون له تأثير عليهم.

وإن كانت زوجات إخوتك على الحال التي ذكرت من كونهن غير متدينات، ونمامات، ومؤذيات لك ولأخواتك وأمّك؛ فهذا أمر خطير، وسعي في الفتنة ونشر الأحقاد، وهذا من فعل السحرة والشياطين، أي: زرع الفتنة والتفريق بين الأحبة، قال تعالى عن السحرة: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {البقرة:102}، وروى مسلم عن جابر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت.

وهو مترجم عليه: باب: تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قرينًا.

فينبغي كذلك نصحهنّ بالحسنى، وتخويفهنّ بالله عز وجل، وبيان خطورة وسوء عاقبة ما يفعلن، وأنه ينبغي استشعار نعمة علاقة المصاهرة، وشكر هذه النعمة بالمحافظة على علاقة طيبة، وعشرة حسنة.

فإن صلح حالهن فذاك، وإلا فينبغي هجرهن، إن غلب على الظن أن يكون الهجر زاجرًا وسببًا للإصلاح، ويمكن مطالعة الفتوى: 134761.

ونؤكد في الختام أهميةَ الصبر، وبذل النصح.

واحرصي على ذكر الله تعالى، والاستغفار؛ تخفيفًا للضغط على نفسك، وبعثًا للطمأنينة في قلبك، فقد قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني