الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تحريم الرجل امرأته غير المدخول بها ظهار؟

السؤال

شخصٌ عاقِد على زوجته، ولم يدخل بها، وقال لها: "أنتِ مُحرمةٌ عليَّ مثل أختي"، فهل يقع الظِّهار قبل الدُّخُول؟ فبعض المشايخ قال: لا يقع؛ بدلالة أنَّ الله تعالَى قال: "فمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً"، ولا يتحقَّقُ المِسَاس والجماع في العاقد على زوجته؛ لأنَّها لم تُزف إليه، فهل هذا صحيح؟ أفيدونا -جزاكم الله خيراً-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبقت الإجابة عن مثل هذا السؤال في الفتوى: 298246.

وأن التحريم يرجع فيه إلى نية الزوج -إن أراد به طلاقاً، أم ظهاراً، أم يميناً-، فنرجو مطالعة تلك الفتوى:

وعلى تقدير قصد الظهار، فيصح الظهار من الزوجة -دخل بها الزوج أم لم يدخل بها-، عند الجمهور، جاء في الموسوعة الفقهية عند الكلام عن شروط الظهار: قيام الزوجية بينهما -حقيقة أو حكماً-.

قيام الزواج حقيقة؛ يتحقق بعقد الزواج الصحيح بين الرجل والمرأة، وعدم حصول الفرقة بينهما، من غير توقف على الدخول.

فإذا تزوج رجل امرأة زواجاً صحيحاً، ثم ظاهر منها، كان الظهار صحيحاً، دخل بها قبل الظهار أو لم يدخل، وهذا عند جمهور الفقهاء.

وحجة الجمهور على عدم اشتراط الدخول: قول الله تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم}، فإنه يدل دلالة واضحة على أن الشرط في الظهار: أن تكون المرأة المظاهر منها من نساء الرجل، والمرأة تعتبر من نساء الرجل بالعقد الصحيح، دخل بها أو لم يدخل.

وقيام الزواج حكماً يتحقق بوجود العدة من الطلاق الرجعي، فإذا طلق الرجل زوجته طلاقاً رجعياً، كان الزواج بعده قائماً طول مدة العدة؛ لأن الطلاق الرجعي لا يزيل رابطة الزوجية إلا بعد انقضاء العدة. اهـ.

وأما هذا القول الذي نسبته لبعض المشايخ، فلم نجد أحداً من أهل العلم قال به.

بل من أهل العلم من ذهب إلى أنه يصح الظهار حتى من الأجنبية، وذكروا أنه إذا ظاهر منها لم يطأها إن تزوجها حتى يكفّر، قال ابن قدامة في المغني: الظهار من الأجنبية يصح، سواء قال ذلك لامرأة بعينها، أو قال: كل النساء عليّ كظهر أمي. وسواء أوقعه مطلقاً، أو علّقه على التزويج، فقال: كل امرأة أتزوجها، فهي عليّ كظهر أمي. ومتى تزوّج التي ظاهر منها، لم يطأها حتى يكفر. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني