الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال بينه وبين نفسه: "لو اقتربت من زوجتي فهي حرام عليّ كظهر أمي"

السؤال

زوج قال بينه وبين نفسه: "لو اقتربت من زوجتي وقت حيضها، فهي حرام عليّ كظهر أمي"، ولم تكن زوجته تعلم بذلك، وفعل ذلك، فهل عليه كفارة ظهار؟ وما قدرها في الوقت الحالي؟ وهل يجوز مجامعة زوجته بعد أن تطهر قبل قضاء الكفارة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقولك: "زوج قال بينه وبين نفسه"، إن كان المقصود به أنه لم يتلفظ بشيء, وإنما نواه, فلا يلزمه شيء.

وإن كان تلفظ بالكلام المذكور, فهذا يعتبر ظهارًا؛ سواء نوى الطلاق أم لا؟

قال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت عليّ كظهر أمي حرام، فهو صريح في الظهار، لا ينصرف إلى غيره، سواء نوى الطلاق، أو لم ينوه. وليس فيه اختلاف -بحمد الله-؛ لأنه صرح بالظهار، وبيّنه بقوله: حرام. وإن قال: أنت عليّ حرام كظهر أمّي. أو: كأمّي. فكذلك. وبه قال أبو حنيفة، وهو أحد قولي الشافعي.

والقول الثاني، إذا نوى الطلاق، فهو طلاق، وهو قول أبي يوسف، ومحمد، إلا أن أبا يوسف قال: لا أقبل قوله في نفي الظهار.

ووجه قولهم، أن قوله: أنت عليّ حرام. إذا نوى به الطلاق، فهو طلاق، وزيادة قوله: "كظهر أمي" بعد ذل،ك لا ينفي الطلاق، كما لو قال: أنت طالق كظهر أمي. ولنا، أنه أتى بصريح الظهار، فلم يكن طلاقًا، كالتي قبلها. وقولهم: إن التحريم مع نية الطلاق طلاق. لا نسلمه. وإن سلمناه لكنه فسر لفظه ها هنا بصريح الظهار بقوله، فكان العمل بصريح القول أولى من العمل بالنية. اهـ

وقال المواق المالكي في التاج والإكليل: ومن المدونة: إن قال: أنت عليّ حرام مثل أمي مظاهر؛ لأنه جعل للحرام مخرجًا حين قال: مثل أمّي، ولا تحرم. اهـ.

وقد بينا في الفتوى: 132982 أن الظهار المعلق على شرط، يقع إذا وقع الشرط.

وعليه؛ فإن الزوج المذكور وجبت عليه كفارة الظهار المذكورة في قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً [المجادلة:3-4].

وهذه الكفارة على الترتيب، فلا يجزئ فيها إطعام ستين مسكينًا, إلا بعد العجز عن صيام شهرين متتابعين، وانظر الفتوى: 33425.

وعن كيفية الإطعام في هذه الكفارة، راجع الفتوى: 186091

ولا يجوز للزوج المُظاهِر معاشرته زوجته المُظاهَر منها إلا بعد أن يُكفّر عن الظهار، كما سبق في الفتوى: 266611.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني