السؤال
هل البكاء من قصص الأنبياء، ومن حب النبي صلى الله عليه وسلم، من البكاء من خشية الله، وله نفس الأجر؟ وهل هذا البكاء محمود، ومن أخلاق الرسول والأنبياء؟ جزاكم الله عنا كل خير.
هل البكاء من قصص الأنبياء، ومن حب النبي صلى الله عليه وسلم، من البكاء من خشية الله، وله نفس الأجر؟ وهل هذا البكاء محمود، ومن أخلاق الرسول والأنبياء؟ جزاكم الله عنا كل خير.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا البكاء من قصص الأنبياء ونحوها، بكاء حسن، دال على رقة القلب.
ثم إنه إن كان لما اشتملت عليه تلك القصص من العظة، والعبرة، والتخويف من عقاب الله للظالمين، ونحو ذلك؛ فهو مشمول في ضمن نصوص البكاء من خشية الله.
وإن كان لغير هذه المعاني، فإنه ليس هو البكاء من خشية الله المذكور في الأحاديث؛ فإن البكاء من خشية الله هو الناشئ عن الفكرة في عظمته وجلاله سبحانه، والفكرة في تقصير العبد وذنوبه وخوفه أن يأخذه الله بها، فهو بكاء المجاهدين أنفسهم في ذات الله عز وجل. وفي الترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله.
قال القاري في المرقاة في شرح هذا الحديث: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ): وَهِيَ مَرْتَبَةُ الْمُجَاهِدِينَ مَعَ النَّفْسِ التَّائِبِينَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا، أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ.
(وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ): وَفِي رِوَايَةٍ: تَكْلَأُ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ): وَهِيَ مَرْتَبَةُ الْمُجَاهِدِينَ فِي الْعِبَادَةِ، وَهِيَ شَامِلَةٌ لِأَنْ تَكُونَ فِي الْحَجِّ، أَوْ طَلَبِ الْعِلْمِ، أَوِ الْجِهَادِ، أَوِ الْعِبَادَةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَارِسُ لِلْمُجَاهِدِينَ لِحِفْظِهِمْ عَنِ الْكُفَّارِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: عَيْنٌ بَكَتْ، هَذَا كِنَايَةٌ عَنِ الْعَالِمِ الْعَابِدِ الْمُجَاهِدِ مَعَ نَفْسِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28]، حَيْثُ حَصْرُ الْخَشْيَةِ فِيهِمْ غَيْرُ مُتَجَاوَزٍ عَنْهُمْ، فَحَصَلَتِ النِّسْبَةُ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ: عَيْنِ مُجَاهِدٍ مَعَ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ، وَعَيْنِ مُجَاهِدٍ مَعَ الْكُفَّارِ، وَالْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ مُتَرَادِفَانِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي الْإِحْيَاءِ: الْخَوْفُ سَوْطُ اللَّهِ تَعَالَى يَسُوقُ بِهِ عِبَادَهُ إِلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ؛ لِيَنَالُوا بِهِمَا رُتْبَةَ الْقُرْبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني