السؤال
أنا شاب عمري 18 سنة، توفي أبي منذ شهرين، وقد توفي منتحرًا؛ لأنه كان مريضًا نفسيًّا، ويتعاطى أدوية تجعله غير مدرك لأفعاله.
وبعد ساعتين من موته استدعت الشرطة أمّي للتحقيق معها، فذهبت أنا وأخي معها، بينما أتت سيارة الإسعاف وأخذت أبي -كان قد مات بالفعل- إلى المستشفى، وكان هذا في زمن الكورونا، ولا يسمح إلا لعدد قليل بالدخول إلى المستشفى، وبعد عناء طويل خرجت أمّي من المركز بعدما شكوا أنها هي من قتلته، وكانوا سيوقفونها إيقافًا تحفظيًّا، وتبيت تلك الليلة في السجن، وذهبنا إلى منزل جدّتي، وقد كنت مصدومًا ذلك اليوم، ومن صدمتي هذه لم يخطر ببالي أبدًا أن أذهب لأبي في المستشفى.
جاءني أصدقائي من جيراني ليعزوني، فأخبروني أن عمّتي افتعلت فضيحة في حيّنا، وسبت، وزعمت أننا نحن من قتله -كانت لها مشكلة مع أمي-، وأمضينا نهار اليوم التالي في مهاتفة عمّي لمعرفة مكان دفن أبي؛ لأني كنت أريد دفنه أنا وأخي، فلم يجب على مكالماتنا، وأجابتنا زوجته، وقالت: إنه مشغول بالإجراءات لإخراجه من المستشفى، وقالت: إنه سيكلمنا لاحقًا.
ولم نكن نظن أنه سيستطيع إخراج أبي؛ لأن ذلك كان أول يوم تسمح دولتنا فيه للمواطنين بالخروج، وأمضينا بقية النهار نهاتف عمّي وعمّتي، وذهبنا إلى منزليهما، فلم نجدهما، ولم يجيبا على هواتفنا، ثم صدمنا بمعرفة أن أبي قد دفنه أحد أصدقائه، ولم أعرف ماذا أفعل، وانهارت أمّي؛ لأننا كنا نعرف أنهما فعلاها عمدًا.
أعرف أنكم ستقولون لي: لا تظن السوء بهم؛ لعلهم فعلوا هذا اتّباعًا للسنة، فإن كان كذلك حقًّا، فلم لم يهاتفنا إلى اليوم أي أحد منهم!؟
واعتذروا لأصدقاء أبي عندما سألوهم عن سبب عدم وجودنا بعذرين مختلفين تمام الاختلاف، وقد اتصلنا بإحدى عمّاتي للاستفسار، فاتهمني أنا وأخي بقلة الرجولة، وأننا من لم يرد حضور الجنازة.
وقد حدث ما حدث، وقطعتهم كما قطعوني، ولكم كنت أدعو ربي أن يهديني إلى صلتهم، ليس لمحبتي لهم، بل إنني أكرههم؛ لأنه لم يهاتفنا أي أحد منهم -غير عمّة واحدة لي- ليعزونا، وهم سبعة أعمام، وأحسست بنفاقهم؛ لأني دائمًا كنت أنظر إليهم على أنهم أتقياء، ومنهم من حج بيت الله، وقد هداني ربّي وهاتفتهم جميعًا، وبقي عمّ أهاتفه مرارًا وتكرارًا، لكنه يرفض الإجابة، فماذا أفعل؟ وهل أزوره في منزله؟ وكيف وهو يرفض مكالمتي، وأهلي لا يعرفون أني أصلهم؟