الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يلجأ إلى الخلع إلا لمسوغ شرعي

السؤال

أنا متزوج ولم أدخل بزوجتي وهي لازالت فى بيت أبيها، حدث خلاف بيني وبين أبيها وتعنت معي فى طلبات مادية، وأصر على أن أطلقها وأنا لا أريد ذلك، فهل له أن يخلعها دون الرجوع إلي ، وإن أرغموني على الطلاق، فهل لي أن أسترد المهر والشيكة وأطالب بهما بالكامل؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإننا ننصحك أولاً بمعالجة هذا الموضوع بالرفق والحكمة، وأن توسط بينك وبين أبيها العقلاء من الرجال لكي يفضوا هذا الخلاف، فإن امتنع أبوها وأصر فننصحك أن ترفع أمرك إلى القضاء الشرعي لينظر في القضية، لأنها حينئذ تحتاج إلى قضاء وليس إلى فتيا.

مع العلم بأنه لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق إذا لم يكن مبرر شرعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.

وكذا الخلع إذا لم يكن مبرر شرعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي، وصححه الألباني، وانظر الفتوى رقم: 10917، والفتوى رقم: 24956.

وإذا أرادت الخلع فيكره لك أن تأخذ أكثر مما أعطيتها وإن كان ذلك جائزاً، فقد ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للرجل أن يخالع بأكثر مما أعطاها، قال مالك: لم أر أحداً ممن يقتدى به يمنع ذلك، لكنه ليس من مكارم الأخلاق.

قال في الروض: ويكره خلعها بأكثر مما أعطاها لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جميلة: ولا تزداد. ويصح الخلع إذن لقوله تعالى: فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229]. انتهى.

وقول السائل "وهل له أن يخلعها" يعني أباها؟ فالجواب عنه هو: قال بعض العلماء يجوز للأب أن يخالع ابنته البكر، قال في شرح ميارة:

والبكر ذات الأب لا تختلع إلا بإذن حاجر وتُمْنَعُ

وجاز إن أب عليها أعمله كذا على الثيب بعد الإذن له

يعني أن البكر ذات الأب لا يجوز خلعها إلا بإذن حاجرها وهو أبوها، وتمنع من الخلع بغير إذنه، فإن صالح أبوها عند ذلك جاز هذا في البكر.... ويجوز للأب أن يمضي الخلع عنها دون إذنها إن كانت بكراً. انتهى.

وقال شيخ الإسلام في الاختيارات: والأظهر أن المرأة إذا كانت تحت حجر الأب أنه له أن يخالع بمالها إذا كان لها فيه مصلحة، ويوافق ذلك بعض الروايات عن مالك وتخرج على أصول أحمد. انتهى.

وهذا كله -أعني جواز قيام الأب بالخلع عن ابنته البكر أو الثيب- مشروط بوجود الأسباب المقتضية للخلع، ككون هذه المرأة لا تقدر على القيام بحق الزوج أو نحو ذلك، وليس لمجرد هوى أو عدم تلبية طلب أمر لا يجب على الزوج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني