السؤال
أثناء عمل أشعة الرنين المغناطيسي على المخ أول مرة، طُلب مني نزع الحجاب كاملًا، وكنت بشعري، وفي المرة الثانية ذهبت إلى معمل مختلف، وقالت لي الممرضة: لا داعي لنزع الحجاب، وكنت لابسة حجابًا متماسكًا بدبوس، وعند فك الدبوس ينخلع الحجاب من نفسه، ويظل غطاء صغير جدًّا أسفله، وعند دخولي الجهاز طلب مني الممرض نزع الشيء الذي أربط به شعري، وعند فكّه نزل شعري كله، والغطاء الصغير انفك من رأسي، وأصبح غير ممسك برأسي، فأعطيتهم إياه، وأصبحت مكشوفة الشعر كليًّا، وبعد أسبوع من انتهاء الفحص تمامًا تذكّرت الموقف، وبكيت من الخجل، وقلت: كان من الممكن أن أربط الغطاء، وأحاول ستر رأسي من فوق على الأقل، وأحيانًا أفكّر أنه لم يكن بإمكاني ذلك؛ لأن يدي كان بها المغذي، فهل علي وزر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن شعر المرأة عورة، لا يجوز لها أن تُظهره للرجل الأجنبي عنها، إلا في الضرورة الملجئة، أو الحاجة المُلحّة؛ كأن تحتاج إلى علاج أو تصوير لا بد منه، ولم يوجد طبيبة تتولى ذلك، ولم يمكن التصوير بحالٍ إلا بكشف الشعر، جاء في الموسوعة الفقهية: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ النَّظَرَ إِلَى عَوْرَةِ الْغَيْرِ حَرَامٌ، مَا عَدَا نَظَرِ الزَّوْجَيْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلآْخَرِ، فَلاَ يَحِل لِمَنْ عَدَا هَؤُلاَءِ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَةِ الآْخَرِ، مَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ؛ كَنَظَرِ الطَّبِيبِ الْمُعَالِجِ، وَمَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ أَوْ مَرِيضَةٍ فِي وُضُوءٍ أَوِ اسْتِنْجَاءٍ وَغَيْرِهِمَا، وَكَقَابِلَةٍ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُمُ النَّظَرُ إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنَ الْعَوْرَةِ، وَعِنْدَ الْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ، كَضَرُورَةِ التَّدَاوِي وَالتَّمْرِيضِ وَغَيْرِهِمَا؛ إِذْ الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، وَتنزل الْحَاجَةُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ، ثُمَّ النَّظَرُ مُقَيَّدٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ؛ لأِنَّ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. اهـ
فإذا كانت الحالة التي ظهر فيها شعرك للممرّض عند التصوير داخلة فيما ذكرنا من الضرورة أو الحاجة، ولم يوجد طبيبة، ولم يمكن تفادي كشف الشعر؛ فلا إثم عليك فيما حدث من كشف الشعر.
وإذا كان بالإمكان تفادي ذلك، فقد وقعت في الإثم بكشف الشعر، والتوبة تمحو ما قبلها.
ونرجو أن يكون ندمك وبكاؤك دليل على صدق توبتك، وقد جاء في الحديث الصحيح: النَّدَمُ تَوْبَةٌ. رواه أحمد، وابن ماجه، وغيرهما، وانظري للفائدة الفتوى: 133317.
والله أعلم.