الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلق شعر الأنثى بعد الولادة والعقيقة عن المولود الميت

السؤال

سيرزقني الله بنتًا بعد يومين -إن شاء الله-، وأعلم أنه يجب حلق شعر الطفل ووزنه، وإخراج وزنه فضة أو ذهبًا، لكني متخوّفة في ظل أحوال وباء كورونا من نقل العدوى للطفلة، ولا أعلم حلّاقًا جيدًا يحلق للأطفال، فهل يجوز أن أخرج مبلغًا من المال؟ وماذا أفعل؟ وقد رزقني الله ابنًا قبلها، وتوفّاه الله أثناء الولادة، فهل من المفروض أن أخرج مالًا عنه؟ وماذا أفعل؟ مع العلم أني علمت أنه تلزمني عقيقة عنه، وأريد أن أعلم واجبي نحو هذه المولودة من أول الولادة. جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله -تعالى- أن يأجركم في مصابكم بمولودكم السابق، وأن يخلفكم خيرًا منه، وأن يتمّم ولادة البنت على خير، وأن ينبتها نباتًا حسنًا، ويربيها في عزّ والديها، وأن يجعلها من صالح الولد.

وبخصوص السؤال: فحلق شعر المولود يوم سابعه سنة في حق الذكر، وليس واجبًا.

واختلف العلماء هل يشمل ذلك الأنثى أم لا؟

فذهب المالكية، والشافعية إلى أنه سنة في حقّهما، وهو الذي نرجّحه، ونفتي به، وذهب الحنابلة إلى أنه سنة في حق الذكر دون الأنثى، وقد بينا مذاهبهم في الفتوى: 313693.

وبهذا تعلمين أن الحلق ليس واجبًا أصلًا، فمن تركه، فلا حرج عليه، خاصة إن كان ذلك لحاجة، والأمر بالنسبة للأنثى أوسع؛ للخلاف الذي ذكرناه.

والصدقة بوزن الشعر إنما تسن عند من يقول بسنية الحلق.

وعلى كل؛ إن تصدقت بمقدار زنة شعر الرأس، فالصدقة فعل حسن لا مانع منه.

وأما العقيقة عن الولد الميت: فإن كان قد خرج حيًّا ثم مات، فإنه يعقّ عنه؛ لأن ابتداء وقت العقيقة من حين ولادته حيًّا إلى يوم سابعه.

وإن كان قد ولد ميتًا: فالعقيقة عنه محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم قال: يعق عنه ما دام قد نفخت فيه الروح، ومنهم من قال: لا يعق عنه حتى يخرج حيًّا، وقد لخص الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع الأقوال في هذه المسألة، فقال: ... ولكن هل يشترط أن يخرج حيًّا، أو يشترط أن تنفخ فيه الروح فقط؟

الجواب: من العلماء من قال بالأول، وقال: لو نفخت فيه الروح وخرج من بطن أمه ميتًا، فإنه لا عقيقة له.

ومنهم من قال: بل يعق عنه، وإن خرج ميتًا إذا خرج بعد نفخ الروح؛ لأنه بعد نفخ الروح سوف يبعث، فهو إنسان ترجى شفاعته يوم القيامة، بخلاف من خرج قبل نفخ الروح فيه، فإنه لا يعق عنه؛ لأنه ليس بإنسان؛ ولهذا فإن الجنين لا يبعث يوم القيامة إذا سقط قبل نفخ الروح فيه؛ لأنه ليس فيه روح حتى تعاد إليه يوم القيامة.

إذن عندنا أربع مراتب:

الأول: خرج قبل نفخ الروح فيه، فلا عقيقة له.

الثانية: خرج ميتًا بعد نفخ الروح، ففيه قولان للعلماء.

الثالثة: خرج حيًّا ومات قبل اليوم السابع، فيه أيضًا قولان، لكن القول بالعقّ أقوى من القول بالعق في المسألة التي قبلها.

الرابعة: بقي إلى اليوم السابع، ومات في اليوم الثامن، يعق عنه قولًا واحدًا. انتهى.

ولمزيد من الفائدة، راجعي الفتوى: 139558.

ونوصيك أن تعتني بطفلتك، فتدعي لها بالصلاح، والتوفيق، وتحرصي على تنشئتها في بيئة صالحة طيبة، بعيدًا عن مخالطة رفقاء السوء، وتهتمي بتعليمها قواعد الدِّين منذ نعومة أظفارها -نسأل الله أن يبارك لك فيها-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني