السؤال
قال تعالى:"وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا" (النساء:93). وقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن قاتل المؤمن عمدا لا توبة له.
فهل هذا يعني أن أهل السنة غير مجمعين على عدم التكفير بالكبائر، وعلى أنه لا يمكن أن يخلد مسلم في النار، بمعنى أنه هل يوجد بعض الكبائر تختلف أهل السنة في تكفير فاعلها، أو الحكم عليه أنه يخلد في النار، وإن كان مسلما؟
يعني مثلا الحاكم الجائر الذي يسفك الدماء، ويعذب المسلمين، ويقتلهم، ويسفك دماءهم بغير استحلال، أو بشبهة تأويل. هل هذا لا يكفر، ولا يخلد في النار بالإجماع؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يختلف أهل السنة في عدم التكفير بالكبائر، ولا في عدم خلود المؤمن العاصي في النار.
قال ابن القطان في (الإقناع في مسائل الإجماع):
- أجمع المسلمون من أهل السنة أن مؤمني أهل القبلة الذين آمنوا بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وبجميع ما أمر الله تعالى ورسوله بالإيمان به، غير خارجين من الإسلام بكبائرهم، ولا مكفرين بها.
- وأجمعوا أن أحكام الإسلام جارية على القاتل، والزاني، وشارب الخمر، وسائر الكبائر، مخاطبون باسم الإيمان مشتملة عليهم أحكامه.
- وأجمع الجميع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين الدارجين من المسلمين أن المؤمن مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، غير كافر بها.
- وأجمعوا على جواز الصلاة على كل من مات من أهل القبلة، وإن أذنب أي ذنب كان، ولا يحجب الاستغفار ولا الدعاء عن أحد من المسلمين من أهل الكبائر غير المبتدعين الملحدين.
- وأجمعوا أن العصاة من أهل القبلة مأمورون بسائر الشرائع غير خارجين عن الإيمان بمعاصيهم. اهـ.
والمسلم القاتل -حاكما كان أو محكوما- لا يكفر، ولا يخلد في النار خلود الكفار، ولكنه متوعد بالنار، وبالبقاء فيها إلى ما شاء الله، وإنفاذ هذا الوعيد تحت مشيئة الله تعالى، فإن شاء أنفذه، وإن شاء عفا عنه، وأرضى المقتول ووفَّاه حقه.
وراجع الفتاوى: 288031، 203833، 164027.
والله أعلم.