الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع الزوج المفرط في حقوق الله، ويُحمِّل زوجته ما لا تطيق

السؤال

ماذا عن زوج يقصر في صلاته، حتى إنه لا يكاد يصلي، لا يصلي الجمعة، ربما جمعة من بين عشر جمع، مدخن شره في التدخين، يدخن في بيته، لا يبالي بالأطفال الصغار. يريد الجماع كثيرا بقدر لا أحتمله، يريد ذلك في أي وقت وظرف.
مع العلم أن لدي أطفالا صغارا، وإن رفضت لسبب ما تنقلب حياتي كلها، لديه رغبة كبيرة، ولا يستطيع التحكم فيها، حتى بات هذا الأمر يزعجني.
لأكثر من مرة أجد على هاتفه رسائل حب وغراميات لنساء، أحسه شخصا شهوانيا، تتحكم فيه شهوته بقدر كبير، ولا أدري ماذا أفعل؟
إحساس بالذنب لا يفارقني، واتهام منه بالتقصير في كل وقت، مع أني -يشهد الله- لم أقصر معه، لكن أقدم له أقصى طاقتي، لكنه في كل مرة يحملني فوقها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا الزوج إن كانت هذه حاله؛ فقد جمع جملة من الشرور والمنكرات، وجمع بين التفريط في حق الله -عز وجل-، والتفريط في حق خلقه، ومن فرط في حق الله سبحانه؛ فلا يرجى منه أن يراعي حق الخلق.

ومن أخطر منكراته تفريطه في أمر الصلاة، والتي هي عماد الدين، والصلة بين العبد وربه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وراجعي الفتوى: 1145، والفتوى: 47422.

وكذلك الحال بالنسبة للتفريط في صلاة الجمعة، والتخلف عنها لغير عذر، فقد ورد فيه الوعيد الشديد، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 5143.

والتدخين محرم، وتترتب عليه كثير من الأضرار الدينية، والاجتماعية، والصحية، والقاعدة الفقهية العظيمة التي جاء بها الشرع أن الضرر مدفوع ومرفوع. روى الإمام أحمد وابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا ضَرر ولا ضِرار.

وانظري الفتوى: 1671.

والتواصل العاطفي مع النساء الأجنبيات محرم، ونوع من أخلاق الجاهلية التي جاء الإسلام بتحريمها، والنهي عنها، ويمكن أن تراجع فيه الفتوى: 30003، والفتوى: 24284.

فهذه جملة منكرات يجب مناصحته فيها، وخاصة فيما يتعلق بالتفريط في الصلاة، والتخلف عن صلاة الجمعة.

فإن تاب، وحافظ على الصلاة، فيرجى أن يكون ذلك سببا لتوبته من بقية المنكرات، فقد قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت:45}.

فإن تاب الزوج، واستقام، وصلح حاله؛ فالحمد لله، وإلا فلتصبر عليه وتستمر في نصحه، مستعينة ببعض المقربين إليه ممن ترجو أن يستجيب لهم، ولتكثر من الدعاء له بالخير والصلاح.

وننبه إلى أمرين:

الأمر الأول: أن إجابة الزوجة زوجها إلى الفراش أمر واجب، ولكنه مشروط بأن لا يكون في ذلك ضرر عليها، وأن لا يشغلها عن فرضها، وقد بينا ذلك في الفتوى: 321490.

الأمر الثاني: أن كثرة لوم الزوج زوجته على تقصيرها، يتنافى مع حسن العشرة المأمور بها شرعا، وهو أمر مستقبح، وخاصة إن كانت الزوجة قائمة بدورها في رعاية بيتها وزوجها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني