السؤال
ما حكم من ظنّ قبل بلوغه أن الله قد يفعل شيئًا لغير حكمة، وظل يعتقد هذا الاعتقاد إلى ما بعد بلوغه؟
ما حكم من ظنّ قبل بلوغه أن الله قد يفعل شيئًا لغير حكمة، وظل يعتقد هذا الاعتقاد إلى ما بعد بلوغه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن القول بأن الله تعالى قد يفعل شيئًا لغير حكمة، خطأ فادح، مخالف للنصوص الصريحة، وما عليه أهل السنة وعامة السلف.
وقد وصف الله نفسه بالحكمة، وسمى نفسه الحكيم في مواضع كثيرة من كتابه، قال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ {الحجر:85}، وقال تعالى: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ {الروم:8}، وقال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ {ص:27}.
وأي فعل يصدر عن غير حكمة يقصدها فاعله، فهو عبث منه ولعب، وقد نزّه -سبحانه- نفسه عن العبث واللعب، فقال: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ {الدخان:38}.
وإذا كانت أفعال العقلاء من العباد الذين تعتريهم الغفلة والسهو والخطأ، مصونة عن العبث، فأفعال الله جل جلاله أولى بذلك وأحق.
ودلائل هذا الأصل كثيرة جدًّا، لا تكاد تحصى، وقد بسطها ابن القيم، فأجاد وأفاد في كتابه: شفاء العليل، فانظره -إن شئت-.
وإذا علمت هذا، وعلمت أن القول بنفي الحكمة عن أفعال الله تعالى خطأ فادح شنيع، مخالف لصريح النقل، وبراهين العقل؛ فالواجب على المكلّف أن يعتقد ما دلت عليه النصوص، ويثبت ما جاءت به من إثبات حكمة الله تعالى في جميع ما يشرع، وجميع ما يقدره ويقضيه -سبحانه وبحمده-، سواء ظهرت تلك الحكمة لنا أم لم تظهر.
أما ما كان منه قبل التكليف، فغير مؤاخذ به؛ لأن القلم مرفوع عنه قبل البلوغ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني