الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين الزنا ونكاح المتعة

السؤال

ما الفرق بين الزنا وزواج المتعة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد قدمنا الكلام على معنى الزنا، وتعريفه، وما يترتب عليه من حد، وذلك في الفتويين: 8448، 4458.

وتكلمنا على نكاح المتعة، وبينا أنه من الأنكحة الباطلة المحرمة بإجماع أئمة المسلمين، وأنه لا يجوز لأحد الإقدام عليه، ولا الاستماع إلى شبهات من يبيحه، وذلك في الفتاوى: 1123، 24142، 19835، 485.

وعليه؛ فالزنا والمتعة كلاهما محرم، وإنما يمكن التفريق بينهما في أن نكاح المتعة كان مشروعا في أول الإسلام، فنسخ، واستقر أمره على التحريم، والزنا لم يشرع في زمن من الأزمان.

وفي أن من ثبتت عليه جريمة الزنا -والعياذ بالله- ببينة، أو بإقرار؛ فإنه يحد حد الزنا، وإن حصل ولد من ذلك الوطء لم يلحق بالزاني.

وأما من أقدم على نكاح المتعة؛ فإن نكاحه يفسخ بغير طلاق قبل الدخول وبعده، ويعاقب الزوجان، لكن لا يبلغ بهما مبلغ الحد؛ لأن اتباعهما لقول من أباحه -وإن كان قولا باطلا لا يلتفت إليه- يكون شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات، وإن حصل ولد من هذا النكاح، فيلحق بأبيه.

قال الخرشي المالكي في شرحه الصغير على مختصر خليل: نِكَاحُ الْمُتْعَةِ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، كَمَا يُفْسَخُ قَبْلَهُ، وَيُعَاقَبُ فِيهِ الزَّوْجَانِ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِمَا مَبْلَغَ الْحَدِّ، وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ، وَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَقِيلَ بِهِ. وَهَلْ فِيهِ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ، أَوْ الْمِثْلِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَوْ قِيلَ بِالْمِثْلِ عَلَى أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ لِأَجَلِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ. اللَّخْمِيِّ. الْأَحْسَنُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ. انتهى.

وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَالشِّغَارِ، وَالتَّحْلِيلِ، وَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ، وَنِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا الْبَائِنِ، وَنِكَاحِ الْخَامِسَةِ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ الْبَائِنِ، وَنِكَاحِ الْمَجُوسِيَّةِ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي إبَاحَةِ الْوَطْءِ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبَهِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني