السؤال
منذ ثلاث سنوات ذهبت مع زوجي في رحلة، وكنت سعيدة جدًّا، إلى أن حدث أمر طريف، فقد تغوّط على حجابي طائر، وكان الأمر مضحكًا، إلى أن زاد عن حدّ المزاح، وأصبح زوجي يعيّرني به في كل مرة، وأنا أستثقل هذا المزاح المتكرر الزائد، وفي كل مرة يعتذر، ويحلف على عدم تكرار ذلك، فأصفح وأنسى الأمر، ولكنه يعود ليعيّرني به، وأنا أشعر فجأة بالكُره والغلّ تجاهه -ولا أبالغ في الموضوع؛ فكل نفس لها طاقة تحمل-، فما حكم هذا النوع من المزاح الثقيل؟ وهل يجوز اللمز والإيماء لهذا الموضوع في كل مرة، وإن مرت شهور على ذلك؟ وشكرًا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المزاح إذا انضبط بضوابط الشرع، كان أمرًا حسنًا، وخاصة المزاح بين الزوجين؛ فبه تكتسب المودة، وتحسن العشرة بينهما، وينعكس ذلك على استقرار الأسرة، وهذه من مقاصد الشرع العظيمة من الزواج.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه وأزواجه من غير إفراط، أو تفريط، فيمزح، ولا يقول إلا حقًّا. ولمزيد الفائدة، راجعي الفتوى: 61644.
ومن المزاح ما هو مذموم، كالمزاح الذي يكون فيه إفراط، فيكثر صاحبه منه، أو يكون فيه تفريط بتضمّنه ما هو منهيّ عنه شرعًا؛ ومثل هذا المزاح عواقبه سيئة على صاحبه في دِينه، ودنياه، قال النووي في كتاب: الأذكار: قال العلماء: المزاح المنهي عنه هو: الذي فيه إفراط، ويداوم عليه؛ فإنه يورث الضحك، وقسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله تعالى، والفكر في مهمات الدِّين، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة، والوقار. اهـ.
فليس من حقّ زوجك أن يكون مزاحه معك على الوجه المذكور بالسؤال، والمتضمن لنوع من اللمز، والسخرية، وليس هذا من شأن أهل الإيمان.
فوصيتنا لك أن تناصحي زوجك بالرفق واللين، وأن تذكّريه بالحاجة إلى ما يدعو للألفة، والمودة، لا ما يجلب الحقد، والبغضاء، وأكثري من الدعاء له بخير، وأن يرزقه الله رشده، وصوابه.
والله أعلم.