الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام إحرام العازم والمتردد إذا قدم جدة

السؤال

أفكر في السفر إلى السعودية من أوروبا، وسوف أنزل في مطار جدة، وبعدها أفكر في العمرة قبل التحرك في المملكة. هل يجوز لي السفر إلى مكة من جدة دون إحرام، والإحرام من أبيار علي.
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت عازما على أداء العمرة، ولست مترددا؛ فليس لك أن تؤخر الإحرام إلى جدة، فضلا عن مكة، بل الواجب عليك أن تحرم في الطائرة عند المرور بالميقات ومحاذاته، ولو جوًّا.

وأما إن كنت مترددا، ولست جازما، أو كنت عازما على العمرة، ولكنك تنوي الذهاب إلى المدينة أولا قبل مكة؛ فلا حرج عليك في تأخير الإحرام، وتحرم من ميقات أهل المدينة، ذي الحليفة، وهو المسمى بأبيار علي، وانظر الفتوى: 101616 .

وجدة ليست ميقاتا لمن يأتي من جهتها، أو يمر عليها، سواء جاء من شمالها، أو جنوبها، أو غربها، برًّا أو بحرًا أو جوًّا.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي:

أولا: إن المواقيت التي وقتها النبي- صلى الله عليه وسلم-، وأوجب الإحرام منها على أهلها، وعلى من مرَّ عليها من غيرهم، ممن يريد الحج والعمرة، وهي: ذو الحليفة، لأهل المدينة، ومن مر عليهم من غيرهم، وتسمى حاليًا (أبيار علي).

والجحفة، وهي لأهل الشام ومصر والمغرب، ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى حاليًا (رابغ).

وقرن المنازل، وهي لأهل نجد، ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى حاليًا (وادي محرم)، وتسمى أيضًا (السيل).

وذات عرق، لأهل العراق وخراسان، ومن مر عليها من غيرهم، وتسمى (الضريبة).

ويلملم لأهل اليمن، ومن مر عليها من غيرهم.

وقرر أن الواجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا أقرب ميقات إليهم من هذه المواقيت الخمسة، جوًا أو بحرًا، فإن اشتبه عليهم ذلك، ولم يجدوا معهم من يرشدهم إلى المحاذاة: وجب عليهم أن يحتاطوا، وأن يحرموا قبل ذلك بوقت يعتقدون، أو يغلب على ظنهم أنهم أحرموا قبل المحاذاة؛ لأن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة، ومنعقد، ومع التحري والاحتياط خوفًا من تجاوز الميقات بغير إحرام : فتزول الكراهة؛ لأنه لا كراهة في أداء الواجب.

وقد نص أهل العلم في جميع المذاهب الأربعة على ما ذكرنا، واحتجوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في توقيت المواقيت للحُجاج والعُمار.

واحتجوا أيضًا بما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، لما قال له أهل العراق: إن قرنا جَوْر عن طريقنا؛ قال لهم -رضي الله عنه-: انظروا حَذْوها من طريقكم.

قالوا: ولأن الله سبحانه أوجب على عباده أن يتقوه ما استطاعوا، وهذا هو المستطاع في حق من لم يمر على نفس الميقات.

إذا علم هذا : فليس للحجاج والعمار الوافدين من طريق الجو والبحر، ولا غيرهم أن يؤخروا الإحرام إلى وصولهم إلى جدة؛ لأن جدة ليست من المواقيت التي وقتها رسول -صلى الله عليه وسلم-... انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني