الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف بالطلاق على نفي شيء ماض بناءً على ظنّه قاصدًا أنّه كذلك في حقيقة الأمر ثم بان بخلافه

السؤال

أريد شرحًا مبسطًا لهذا الكلام، وهذه الأقوال التي تخصّ حلف الطلاق المعلّق على شيء قد مضى: (وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: إذا حلف على نفي شيء وقع جاهلًا به، أو ناسيًا له، كما لو حلف أن زيدًا ليس في الدار وكان فيها ولم يعلم به، أو علم ونسي. فإن حلف أن الأمر كذلك في ظنه، أو فيما انتهى إليه علمه، أي: لم يعلم خلافه، ولم يقصد أن الأمر كذلك في الحقيقة؛ لم يحنث؛ لأنه إنما حلف على معتقده. وإن قصد أن الأمر كذلك في نفس الأمر، أو أطلق، ففي الحنث قولان: رجّح منهما ابن الصلاح، وغيره الحنث، وصوّبه الزركشي؛ لأنه غير معذور، إذ لا حثَّ، ولا منع، بل تحقيق؛ فكان عليه أن يتثبَّت قبل الحلف، بخلافه في التعليق بالمستقبل. ورجّح الإسنوي، وغيره أخذًا من كلام أصل الروضة عدم الحنث، ورجّح بعض المتأخرين أنه يحنث فيما إذا قصد أن الأمر كذلك في نفس الأمر، وعدم الحنث عند الإطلاق، وهذا أوجه).
الذي فهمته من هذا الكلام لو أن شخصًا حلف بالطلاق المعلّق على شيء مضى، كأن يقول مثلًا: عليّ الطلاق أنت التي فعلت كذا؛ على أنها حقيقة الأمر في نفس الأمر؛ في هذه المسألة أقوال: منهم من قال: الطلاق يقع، ومنهم من قال: لا يقع، ولكن إذا قصد أن الأمر كذلك في الحقيقة، يقع.
ومنهم من قال -وهذا هو الأهم-: إن من قصد حقيقة الأمر؛ ففي ذلك خلاف بين أهل العلم. ورجّح الشيخ الإسنوي أنه لو قصد حقيقة الأمر؛ لا يقع الطلاق، فهل ما فهمته عن الشيخ الإسنوي صحيح؟ أرجو الرد على هذه النقطة بالأخص. جزاكم الله خيرًا جميعًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمقصود -والله أعلم- أنّ من حلف بالطلاق على نفي شيء ماض؛ بناءً على ظنّه، ثمّ بان بخلاف ظنه؛ وكان قصده أنّ حقيقة الأمر هكذا؛ ففي وقوع طلاقه عند الشافعية قولان: أحدهما: الوقوع، والقول الآخر: عدم الوقوع؛ وهو قول الإسنوي، قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب في شرح روض الطالب: أما لو حلف على نفي شيء وقع جاهلًا به، أو ناسيًا له، كما لو حلف أن زيدًا ليس في الدار وكان فيها ولم يعلم به، أو علم ونسي؛ فإن قصد بحلفه أن الأمر كذلك في ظنه، أو فيما انتهى إليه علمه، أي: لم يعلم خلافه، ولم يقصد أن الأمر كذلك في الحقيقة، لم يحنث؛ لأنه إنما حلف على معتقده.

وإن قصد أن الأمر كذلك في نفس الأمر، أو أطلق، ففي الحنث قولان: رجّح منهما ابن الصلاح، وغيره الحنث، وصوّبه الزركشي؛ لأنه غير معذور؛ إذ لا حثّ، ولا منع، بل تحقيق؛ فكان عليه أن يتثبّت قبل الحلف بخلافه في التعليق بالمستقبل. ورجّح الإسنوي، وغيره أخذًا من كلام الأصل عدم الحنث، وهو الأوجه. انتهى.

وقال الإسنوي في المهمات في شرح الروضة والرافعي: إذا حلف معتقدًا أنه ذلك الشيء، وليس هو إياه، يكون جاهلًا، والأصح أن الجاهل لا يحنث. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني