السؤال
اتفقت مع صديق العمر على شراء بيت من بيوته، وكان البيت بحاجة ماسة للتصليح والإعمار، وبعد أن صرفت مبلغا كبيرا من المال، وقمت بتعمير البيت، وبعد فترة أربعة أشهر قام الصديق بمطالبتي بمبلغ أكبر من المال لزيادة أسعار البيوت، وقمت بزيادة المبلغ، وتم الاتفاق شفهيا مرة ثانية على سعر أعلى، وبعد شهر طالب بزيادة أخرى، وزدت المبلغ، وأنا ليس لديّ أيّ خيار؛ لأني صرفت مبلغا كبيرا من المال لتعمير البيت، لأقيم أنا وعائلتي فيه، وليس لغرض التجارة، وطالبني للمرة الرابعة بزيادة أخرى، رغم أني أعطيته خيار أن يبيع البيت لغيري، وطبعا البيت أصبح في أحسن حال بعد أن صرفت مبلغا كبيرا لإعماره، وأن يعطيني ما صرفته عليه، وأن يعطيني مبلغا لتعبي في التصليح، لكنه رفض بحجة أنه صديق العمر، ولا يرضى أن يصبح البيت لغيري؛ لأني تعبت، وصرفت في تصليحه، وزاد مبلغ البيت للمرة الرابعة في خلال ستة أشهر. فهل ما فعله الصديق حلال، أو له الحق الشرعي؛ لأني لا أملك أية وثيقة قانونية في الاتفاق؟
أرجو منكم الإجابة لأني حائر ماذا أفعل؟ مع العلم نحن أصدقاء وكالإخوة من أربعين عاما.
شكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا حصل الإيجاب والقبول، والاتفاق على الثمن والمثمن، وانفض المجلس عن ذلك، فقد انعقد البيع، ولزم الطرفين، وثبت انتقال ملك البدلين بين البائع والمشتري. ولا يشترط في صحة ذلك كتابة العقد وتوثيقه، ولا يصح بعد ذلك إلزام المشتري بزيادة في الثمن، وانظر الفتويين: 363601، 396463.
جاء في الموسوعة الفقهية: يملك المشتري المبيع، ويملك البائع الثمن، ويكون ملك المشتري للمبيع بمجرد عقد البيع الصحيح، ولا يتوقف على التقابض، وإن كان للتقابض أثره في الضمان ... ويترتب على انتقال الملك في البدلين ما يلي:
أ - أن يثبت للمشتري ملك ما يحصل في المبيع من زيادة متولدة منه، ولو لم يقبض المبيع. ولا يمنع من انتقال ملكية المبيع إلى المشتري كون الثمن مؤجلا.
ب - أن تنفذ تصرفات المشتري في المبيع، وتصرفات البائع في الثمن .. ... د - لا يجوز اشتراط بقاء البائع محتفظا بملكية المبيع إلى حين أداء الثمن المؤجل، أو إلى أجل آخر معين.
هذا، ولا يمنع من انتقال الملك في المبيع أو الثمن كونهما ديونا ثابتة في الذمة إذا لم يكونا من الأعيان؛ لأن الديون تملك في الذمم ولو لم تتعين، فإن التعيين أمر زائد عن أصل الملك، فقد يحصل مقارنا له، وقد يتأخر عنه إلى أن يتم التسليم .. اهـ.
وإذا ألزم البائعُ المشتريَ بزيادة في الثمن بعد انعقاد البيع، فدفعها مكرهًا، فهذا المال لا يحل للبائع، ويجب عليه رده إلا إن أحله المشتري؛ فقد خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع في أيام التشريق فقال: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقونه ... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان. رواه الشيخان وأحمد، واللفظ له.
والله أعلم.